نام کتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث نویسنده : أبو شهبة، محمد جلد : 1 صفحه : 445
وقد سلك العلماء في التوفيق بين هذه الأحاديث مسالك[1].
أحدها: أن هذا الحديث: "لا عدوى ... " , جاء ردا لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض مؤثرة بنفسها، فبين لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ولا بذاتها، لكن الله تعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لإعدائه مرضه، وقد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب, وهذا المسلك هو الذي سلكه الإمام أبو عمرو بن الصلاح في كتابه "علوم الحديث" وقد تبعه على هذا التوفيق غيره، وقد سبقه إليه الإمام البيهقي[2].
وهذا المسلك هو أحسن المسالك وأولاها؛ لأنه لا ينفي العدوي أصالة، ولكنه ينفي أن تكون مؤثرة بذاتها، وهذا لا يتنافى هو وما وصل إليه الطب الحديث من كون العدوى أصبحت أمرا مسلما، وفي الوقت ذاته فيه تصحيح للعقيدة، وهو أن تأثير العدوى إنما هو بإرادة الله تبارك وتعالى، وإذا لم يرد الله تبارك وتعالى ذلك لم تحصل العدوى مع وجود الاختلاط بالمريض مرضا معديا وليس أدل على أن التأثير متوقف على إرادة الله تعالى من أن بعض الناس يختلطون بأهليهم المرضى اختلاطا يكاد يكون تاما ومع ذلك لا يتعدى إليهم المرض.
ثانيها: أن نفي العدوى باق على عمومه، والأمر بالفرار من باب سد الذرائع لئلا يتفق للذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية, فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوى، فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسما للمادة، وهذا هو الذي اختاره الحافظ ابن حجر في شرح النخبة، ولذلك قال السيوطي3: [1] العدوى: هي انتقال المرض من المريض إلى غيره. [2] فتح الباري ج10 ص161 ط السلفية.
3 تدريب الراوي ص388.
نام کتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث نویسنده : أبو شهبة، محمد جلد : 1 صفحه : 445