عليه إلا أقل من شهر حتى ورد أمر الخلافة بأن ينادي عليه، فنوديَ عليه، وهو على أتان، وأشخص على أكاف، وحبس إلى أن مات، ولم يبق أحد ممن ساعده إلا ابتلي بأولاده، وأراه الله تعالى فيهم البلايا [1] .
قال البخاري: دخلت بغداد آخر ثمان مرات، كل ذلك أُجالس أحمد بن حنبل، فقال لي في آخر ما ودعته: يا أبا عبد الله، تترك العلم، وتصير إلى خراسان؟ قال البخاري: فأنا الآن أذكر قوله [2] .
وخرج البخارى من بخارى إلى خَرتَنْكَ، على فرسخين من سمرقند.
قال عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي: جاء محمد بن إسماعيل إلى خَرْنَتْكَ، وكان له بها أقرباء، فنزل عندهم، فسمعته ليلة يدعو، وقد فرغ من صلاة الليل: اللهم إنه قد ضاقت عليَّ الأرض بما رَحُبَتْ، فاقبضني إليك، فما تم الشهر حتى مات بخَرْنَتْكَ.
وقال أبو منصور غالب بن جبريل، وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله: إنه أقام عندنا أياماً، فمرض، واشتد به المرض حتى جاء رسولٌ إلى سمرقند في إخراج محمد، فلما وافى تهيأ للركوب، فلبس خُفَّيهِ، وتعمَّمَ، فلما مشى قدر عشرين خطوةً أو نحوها، وأنا آخذ بعضده ورجل آخذ معي يقوده إلى الدَّابة ليركبها، فقال رحمه الله: أرسلوني فقد ضعفت، فدعا بدعواتٍ، ثم اضطجع، فقضى رحمه الله، فسال منه العرق شيء لا يوصف، فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه [1] انظر: تاريخ بغداد 2/34، تهذيب الكمال 24/464، 465، 466، سير أعلام النبلاء 12/464، 465، طبقات الشافعية الكبرى 2/233، هدي الساري 494. [2] تاريخ بغداد 2/22-23، طبقات الحنابلة 2/257.