responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 154
ولنرجع إلى الوضاع، فمنهم زنادقة قصدوا إفساد الشريعة والتلاعب بالدين، {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [1] فعملوا على لبس الحق بالباطل، وخلط السم بالترياق، وهيئت لهم الفرص في الأزمان الغابرة مجالًا فسيحًا لهذا البهتان، حتى شحنوا الأذهان وسودوا الدفاتر وأفعموا الكتب بمفتريات: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان} [2]. وقد سرى هذا الداء في كتب التفسير والسير والتاريخ، وتلقتها العامة عن سلامة صدر، إما لشهرة المعزو إليه، أو لاستبعاد كذبه على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فخبطوا وحادوا عن الجادة: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [3].
ثم قال: "ولست أعجب من العامة وصنعهم هذا، ولكن العجب العجاب، من أهل العلم الذين يرون هذا المنكر رأي العين صباحًا ومساء، ويتأولون له كأنما أعمال هؤلاء السوقة وحي سماوي متشابه، يجب تأويله في رأي العلماء المتأخرين اللهم ألهمنا السداد، ووفقنا إلى سبيل الرشاد!
"والداهية الدهياء، أن الناس الآن، أخذت تروي الأحاديث من غير إجازة ولا تلقين، وحول العلماء وجهتهم إلى فروع الفقه، وآلات التفسير والتوحيد وانصرفوا عن الحديث إلا ما كان منه قراءة على سيل التبرك! فراجت سوق الأراجيف المعزوة للدين، واختلط الباطل بالحق فمهدوا بهذا للطاغين على الدين سبلا كان عذراء، وخططا كانت وعثاء فلا تكاد ترى حمارًا أو حوذيًّا أو خادما أو طاهيا أو أكارًا أو قصارًا أو كناسًا أو رشاشا إلا وهو يستشهد في كل عمل من أعماله بالحديث، سواء صح معناه ولفظه أم لم يصح. فإذا جلست في مرتاض أو ناد أو سوق أو حانوت أو محفل عرس أو مأتم سمعت من خلطهم وخبطهم في الدين ما تخرج لأجله النفوس من العيون وتمشي له القلوب في الصدور وربما كان في مجلسهم عالم فيسأل عند اختلافهم فلا يجيب إلا: "بأظن كذا! "؛ "ويمكن أن يكون كذا" والورع يقول: "لا أدري! " أو: "حتى أراجع

[1] سورة التوبة، آية: 33.
[2] سورة يوسف، آية: 40.
[3] سورة الكهف، آية، 15.
نام کتاب : قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست