نام کتاب : قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث نویسنده : القاسمي، جمال الدين جلد : 1 صفحه : 390
بروح الدين، وأخذ المسلمون يظنون أن من البدع في الدين ما يحسن إحداثه لتعظيم شأنه تقليدًا لمن كان بين أيديهم من الأمم المسيحية وغيرها، وأنشئوا ينسون ماضي الدين، ومقالات سلفهم فيه ويكتفون برأي من يرونه من المتصدرين المتعالين، وتولى شئون المسلمين جهالهم وقام بإرشادهم في الأغلب ضلالهم في أثناء ذلك حدث الغلو في الدين، واستعرت نيران العداوات بين النظار فيه، وسهل كل منهم لجهله بدينه أن يرمي الآخر بالمروق منه لأدنى سبب، وكلما ازدادوا جهلًا بدينهم ازدادوا غلوا فيه بالباطل، ودخل العلم والفكر والنظر -وهي لوازم الدين الإسلامي- في جملة ما كرهوه وانقلب عندهم ما كان واجبًا من الدين محظورا فيه".
3- وصية الغزالي في معاملة المتعصب:
قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه فيصل التفرقة، في تتمة الفصل الأول، بعد حكمه على من يتخبط في الجواب، ويعجز عن كشف الغطاء بأنه ليس من أهل النظر، وإنما هو مقلد ما نصه: "وشرط المقلد أن يسكت ويسكت عنه؛ لأنه قاصر عن سلوك طريق الحجاج، ولو كان أهلًا له كان مستتبعا لا تابعا، وإماما لا مأمومًا، فإن خاض المقلد في المحاجة فذلك منه فضول، والمشتغل به صار كضارب في حديد بارد، وطالب لصلاح الفاسد، وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟ ".
وقال رحمه الله في موضع آخر منه: "فإذا رأيت الفقيه الذي بضاعته مجرد الفقه يخوض في التكفير والتضليل، فأعرض عنه، ولا تشغل به قلبك ولسانك، فإن التحدي بالعلوم غريزة في الطبع لا يصبر عنه الجهال ولأجله كثر الخلاف بين الناس، ولو ينكث من الأيدي من لا يدري لقل الخلاف بين الخلق".
أقول: هذا بمعنى قول سقراط: لو سكت من لا يعلم لسقط الاختلاف.
وقال الغزالي قدس سره في كتابه "المنقذ من الضلال"[1]: "لا مطمع في الرجوع إلى التقليد بعد مفارقته؛ إذ من شرط المقلد أن لا يعلم أنه مقلد، فإذا علم ذلك انكسرت زجاجة تقليده وهو شعب لا يرأب، وشعث لا يلم بالتلفيق، والتأليف إلا أن يذاب بالنار، ويستأنف لها صيغة أخرى مستجدة". ا. هـ. [1] ص76، طبعة مكتب النشر العربي الثانية، دمشق 1353، مطبعة ابن زيدون.
نام کتاب : قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث نویسنده : القاسمي، جمال الدين جلد : 1 صفحه : 390