responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 196
وَأَيْضًا: قَدْ يَحْمِلُ بَعْضَ مَنْ يَعْتَبِرُ فِي الْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُوَافَقَةِ، وَعَدَمِ الظُّهُورِ بِالْخِلَافِ التَّقِيَّةُ وَالْخَوْفُ عَلَى نَفْسِهِ، كَمَا أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ فِي كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ طَوَائِفِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَعْتَقِدُونَ شَيْئًا إِذَا خَالَفَهُمْ فِيهِ مُخَالِفٌ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَضَرَّتِهِمْ.
وَعَلَى تَقْدِيرِ إِمْكَانِ مَعْرِفَةِ مَا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدٍ وَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَمْرٍ فَيُمْكِنُ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْهُ أَوْ يَرْجِعَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يُجْمِعَ "عَلَيْهِ"* أَهْلُ بَلْدَةٍ أُخْرَى بَلْ لَوْ فَرَضْنَا حَتْمًا اجْتِمَاعَ الْعَالَمِ بِأَسْرِهِمْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً قَائِلِينَ قَدِ اتَّفَقْنَا عَلَى الْحُكْمِ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّ هَذَا مَعَ امْتِنَاعِهِ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ مُخَالِفًا فِيهِ وَسَكَتَ تَقِيَّةً وَخَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ.
وَأَمَّا مَا قِيلَ: مِنْ أَنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ اتِّفَاقَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى نُبُوَّةِ نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن أراد الاتفاق باطنًا وظاهرًا فذلك مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ أَلْبَتَّةَ وَالْعِلْمُ بِامْتِنَاعِهِ ضَرُورِيٌّ، وَإِنْ أَرَادَ ظَاهِرًا فَقَطِ اسْتِنَادًا إِلَى الشُّهْرَةِ وَالِاسْتِفَاضَةِ، فَلَيْسَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرَ فِي الْإِجْمَاعِ، بَلِ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ: الْعِلْمُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بعد معرفة أنه لا حاصل له على الموافقة، وأنه يدين الله بِذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَا يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِعَيْنِهِ وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ النَّاقِلُ لِلْإِجْمَاعِ مِنْ مَعْرِفَةِ كُلِّ مَنْ يُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ عُلَمَاءِ الدُّنْيَا، فَقَدْ أَسْرَفَ فِي الدَّعْوَى وَجَازَفَ فِي الْقَوْلِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ تَعَذُّرِ ذَلِكَ تَعَذُّرًا ظَاهِرًا وَاضِحًا.
وَرَحِمَ اللَّهُ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَإِنَّهُ قال: من ادعى "وجود"** الْإِجْمَاعِ فَهُوَ كَاذِبٌ.
وَالْعَجَبُ مِنَ اشْتِدَادِ نَكِيرِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ تَصَوُّرَ وُقُوعِ الْإِجْمَاعِ عَادَةً فَإِنَّ إِنْكَارَهُ عَلَى الْمُنْكِرِ هُوَ الْمُنْكَرُ.
وَفَصَلَ الْجُوَيْنِيُّ بَيْنَ كُلِّيَّاتِ الدِّينِ، فَلَا يَمْتَنِعُ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهَا وَبَيْنَ الْمَسَائِلِ الْمَظْنُونَةِ قلا يُتَصَوَّرُ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهَا عَادَةً.
وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ، فَإِنَّ النِّزَاعَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي دَلِيلُهَا الْإِجْمَاعُ وَكُلِّيَّاتُ الدِّينِ مَعْلُومَةٌ بِالْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَجَعَلَ الْأَصْفَهَانِيُّ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ: الْحَقُّ تَعَذُّرُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْإِجْمَاعِ لَا إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ حَيْثُ كَانَ الْمُجْمِعُونَ وَهُمُ الْعُلَمَاءُ مِنْهُمْ فِي قِلَّةٍ، وَأَمَّا الْآنَ وَبَعْدَ انْتِشَارِ الْإِسْلَامِ وَكَثْرَةِ الْعُلَمَاءِ فلا مطمع للعلم بِهِ.
قَالَ: وَهُوَ اخْتِيَارُ أَحْمَدَ مَعَ قُرْبِ عَهْدِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقُوَّةِ حِفْظِهِ وَشِدَّةِ اطِّلَاعِهِ على الأمور

* ما بين قوسين ساقط من "أ".
** في "أ" وجوب.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست