responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 251
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون} [1] وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْأَمْرُ حَقِيقَةً، وَلَيْسَ بِمَجَازٍ عَنْ سُرْعَةِ الْإِيجَادِ كَمَا قِيلَ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْوُجُودُ مُرَادًا بِهَذَا الْأَمْرِ، أَيْ: أَرَادَ اللَّهُ أنه كلما وُجِدَ الْأَمْرَ يُوجَدُ الْمَأْمُورُ بِهِ، فَكَذَا فِي كل أمر من الله تعالى، ومن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أمتي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ" [2] وَكَلِمَةُ "لَوْلَا" تفيد انتفاء الشيء لوجود غيره "فههنا"* تُفِيدُ انْتِفَاءَ الْأَمْرِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ. فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدِ الْأَمْرُ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَالْإِجْمَاعُ قَائِمٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، فَلَوْ كَانَ الْمَنْدُوبُ مَأْمُورًا بِهِ لَكَانَ الْأَمْرُ قَائِمًا عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ. فَلَمَّا لَمْ يوجد الأمر عَلِمْنَا أَنَّ الْمَنْدُوبَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ. وَاعْتَرَضَ على هذا الاستدلال: بأنه لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مُرَادَهُ لَأَمَّرَتْهُمْ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ بِقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَيْهِ لا مجرد الأمر.
وَرُدَّ بِأَنَّ كَلِمَةَ "لَوْلَا" دَخَلَتْ عَلَى الْأَمْرِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَمْرُ حَاصِلًا، وَالنَّدْبُ حَاصِلٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ النَّدْبُ أَمْرًا، والإلزام التَّنَاقُضُ وَالْمُرَادُ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا وقع في قصة بريرة لَمَّا رَغَّبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّجُوعِ إِلَى زَوْجِهَا، فَقَالَتْ: أَتَأْمُرُنِي بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: "لَا، إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ" [3] فَنَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ مِنْهُ، مَعَ ثُبُوتِ الشَّفَاعَةِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّدْبِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَنْدُوبَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ الْأَمْرَ النَّدْبَ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَسْتَدِلُّونَ بِالْأَوَامِرِ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَمْ يَظْهَرْ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا.

* في "أ": هنا.

[1] جزء من الآية "40" من سورة النحل.
[2] أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة في الجمعة باب السواك يوم الجمعة "887" مالك في الموطأ في الطهارة باب ما جاء في السواك "1/ 66" والإمام أحمد في مسنده "2/ 245" والبيهقي في السنن "1/ 37" وابن حبان في صحيحه "1068" وذكره الشافعي في الأم "1/ 23".
[3] أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الطلاق، باب شفاعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في زوج بريرة "5283". وابن ماجه في الطلاق باب خيار الأمة إذا أعتقت "2075" والنسائي في آداب القضاء باب شفاعة الحاكم للخصوم قبل فصل الحكم "5432" "8/ 245". والإمام أحمد في مسنده 1/ 215 "1844". وابن حبان في صحيحه بنحوه "4270".
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست