responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأشباه والنظائر نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 155
فَائِدَةٌ: قَالَ السُّبْكِيُّ: مَرَاتِبُ الْوِلَايَةِ أَرْبَعَةٌ: الْأُولَى: وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَهِيَ شَرْعِيَّةٌ. بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ فَوَّضَ لَهُمَا التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْوَلَدِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا. وَذَلِكَ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ لَهُمَا، فَلَوْ عَزَلَا أَنْفُسَهُمَا، لَمْ يَنْعَزِلَا بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ الْمُقْتَضِي لِلْوِلَايَةِ: الْأُبُوَّةُ، وَالْجُدُودَةُ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ لَا يَقْدَحُ الْعَزْلُ فِيهَا، لَكِنْ إذَا امْتَنَعَا مِنْ التَّصَرُّفِ تَصَرَّفَ الْقَاضِي، وَهَكَذَا وِلَايَةُ النِّكَاح لِسَائِرِ الْعَصَبَاتِ.
الثَّانِيَةُ: وَهِيَ السُّفْلَى. الْوَكِيلُ، تَصَرُّفُهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْإِذْنِ، مُقَيَّدٌ بِامْتِثَالِ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَزْلُ. وَحَقِيقَتُهُ: أَنَّهُ فَسْخُ عَقْدِ الْوَكَالَةِ، أَوْ قَطْعُهُ. وَالْوَكَالَةِ: عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ قَابِلٌ لِلْفَسْخِ.
وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا كَانَتْ بِلَفْظِ الْإِذْنِ، هَلْ هِيَ عَقْدٌ ; فَيَقْبَلُ الْفَسْخَ، أَوْ إبَاحَةٌ، فَلَا تَقْبَلُهُ؟ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَالْمَشْهُورُ: الْأَوَّلُ. وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْإِذْنِ غُمُوضٌ.
الثَّالِثَةُ: الْوَصِيَّةُ. وَهِيَ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ، فَإِنَّهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا تَفْوِيضًا تُشْبِهُ الْوَكَالَةَ. وَمِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْمُوصِي لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّف بَعْد مَوْتِهِ، وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ وَصِيَّتُهُ لِلْحَاجَةِ، لِشَفَقَتِهِ عَلَى الْأَوْلَادِ، وَعِلْمِهِ بِمَنْ هُوَ أُشْفَقُ عَلَيْهِمْ تُشْبِهُ الْوِلَايَةَ. وَأَبُو حَنِيفَةَ لَاحَظَ الثَّانِي، فَلَمْ يُجَوِّزْ لَهُ عَزْلَ نَفْسِهِ، وَالشَّافِعِيُّ لَاحَظَ الْأَوَّلَ، فَجَوَّزَ لَهُ عَزْلَ نَفْسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ. وَلَنَا وَجْهٌ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ.
الرَّابِعَةُ: نَاظِرُ الْوَقْفِ يُشْبِهُ الْوَصِيَّ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ وِلَايَتِهِ ثَابِتَةً بِالتَّفْوِيضِ، وَيُشْبِهُ الْأَبَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِهِ تَسَلُّطٌ عَلَى عَزْلِهِ، وَالْوَصِيُّ يَتَسَلَّطُ الْمُوصِي عَلَى عَزْلِهِ فِي حَيَاتِهِ بَعْدَ التَّفْوِيضِ: بِالرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ. وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ اللَّهِ تَعَالَى، فَالتَّفْوِيضُ أَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ. وَلَكِنَّهُ أُذِنَ فِيهِ لِلْوَاقِفِ، فَهِيَ وِلَايَةٌ شَرْعِيَّةٌ. وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ إمَّا مَنُوطٌ بِصِفَةٍ، كَالرُّشْدِ وَنَحْوِهِ، وَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ، كَالْأُبُوَّةِ. وَإِمَّا مَنُوطٌ بِذَاتِهِ، كَشَرْطِ النَّظَرِ لِزَيْدٍ ; وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ، فَلَا يُفِيدُ الْعَزْلَ. كَمَا لَا يُفِيدُ فِي الْأَبِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ ذَلِكَ الْعَقْدَ، أَوْ يَرْفَعُهُ.
قَالَ: فَلِذَلِكَ أَقُولُ: إنَّ الَّذِي شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ النَّظَرَ مُعَيَّنًا، أَوْ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ. إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ. لَا يَنْفُذُ عَزْلُهُ لِنَفْسِهِ، لَكِنْ إنْ امْتَنَعَ مِنْ النَّظَرِ، أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ، وَإِنْ لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، إلَّا ابْنَ الصَّلَاحِ.
قَالَ فِي فَتَاوِيهِ: لَوْ عَزَلَ النَّاظِرُ نَفْسَهُ، فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ نَصْبُ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ، بَلْ يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ نَاظِرًا، وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ انْعَزَلَ، وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ.

نام کتاب : الأشباه والنظائر نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست