نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي جلد : 1 صفحه : 138
حمر فيها أورق"؟ قال: نعم. قال: "فمن أين؟ " قال: لعله نزعه عرق.
قال: "وهذا لعله نزعه عرق" [1].
وقد صنَّف الناصح الحنبلي في أقيسته -عليه السلام[2]، وهذه التي ذكرنا جلها في الصحاح, ولا يقال: إن ما وقع فيه العتاب لا معنى لحمله على الوحي, وبعضها أرشد فيه إلى التعليل، وما بيَّن تلك العلل إلا تنبيهًا على القياس وتشريعًا وتدريبًا, وإلا كان عبثًا وتطويلًا.
وقيل: إنه -عليه لسلام- لا يجتهد لقوله تعالى: {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [3]. وغير خفي أنه لا دليل في الآية على النفي؛ لأن المنفي تبديل القرآن، والاجتهاد ليس تبديلًا بل هو اتباع واستنباط من الوحي, وقيل: يجتهد في الآراء والحروب لا في الأحكام، والصواب أن اجتهاده -عليه السلام- لا يخطئ، وقيل بالإثبات, ولكن لا يقر على باطل, بل يقع التنبيه على الخطأ حينًا.
حكمة اجتهاده -عليه السلام:
من حكمته تعليم الأمة وتدريبها على الاجتهاد في الأحكام, واستنباط الأحكام التي تناسب كل مكان وزمان، وعدم الجمود على ظواهر النصوص؛ لأن ذلك عائق عن الترقي والتطور في أطوار تناسب الزمان والمكان، ومن حكمة الخطأ في اجتهاده على القول به, وإن كان شاذًّا أن لا تتسرع الأمة بالتنديد على العلماء الذين يقع منهم الخطأ؛ لأن الاجتهاد عرضة لذلك؛ فإن وقعوا في التنديد والتشنيع والتهديد انقطع الاجتهاد, مع أنه من مصالح الشريعة التي هي عامة لكافة الأمم, والتي هي مستمرة لا تنسخ, ولا يعقل استمرارها إلا إذا كان يتغير الكثير من أحكامها بتغير الأحوال, ولا يخفى أن الاجتهاد مقام عظيم وفيه ثواب جسيم، فلمن أخطأ أجر واحد، ولمن أصاب أجران, كما في الصحيح4، [1] سبق تخريجه. [2] عبد الرحمن بن نجم الجزري السعدي العبادي, أبو الفرج ناصح الدين بن الحنبلي، ت ستة 634. [3] يونس: 15.
4 متفق عليه: البخاري في الاعتصام "ج9/ 132"، ومسلم في الأقضية "ج5/ 131".
نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي جلد : 1 صفحه : 138