الحاجة قد تعطي حكم الضرورة تيسيرا على العباد وتسهيلا لشؤون معاشهم، وقد تقدم بيان معنى كل من الضرورة والحاجة وبيان الفرق بين حقيقتيهما.
وقد فرق بعضهم بينهما من جهة أن حكم الضرورة مؤقت بزمان تلك الضرورة، وحكم الحاجة مستمر[1].
ومع هذا فقد تطلق الضرورة ويراد بها الحاجة[2]. على أن حكم هذه [1] إيضاحا لهذه التفرقة يمكن القول إن الحكم في كل منهما منوط بتحقق سببه وهو الضرورة أو الحاجة فإذا تحقق السبب أو العلة وجد الحكم وإذا زال السبب أو العلة زال الحكم، وإنما جاءت هذه التفرقة من قبل النظر إلى الواقع الغالب في كل منهما فإن الغالب في الضرورة أن تكون أمرا طارئا لا يستمر والغالب في الحاجة أنها مستمرة موجودة بوجود الناس والله أعلم. انظر: مختصر من قواعد العلائي وكلام الإسنوي 1/191، 293، وشرح القواعد الفقهية ص155، ونظرية الضرورة الشرعية ص274-275. [2] من ذلك قول ابن رشد – في مسألة إباحة العرايا -: "وروي أن الرخصة فيها إنما هي معلقة بهذا القدر من التمر لضرورة الناس أن يأكلوا رطبا ... "الخ كلامه، ومعلوم أن هذا ليس من الضرورة، كما يشير إلى هذا المعنى ما تقدم من أن الونشريسي ذكر أمثلة في قاعدة: ((الضرورات تبيح المحظورات)) هي من قبيل الحاجات. انظر: بداية المجتهد 2/163، وإيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك ص365-366.