responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 83
مِنْ الْقُرْآنِ.
قُلْنَا: هَذَا صَحِيحٌ لَوْ لَمْ تُكْتَبْ الْبَسْمَلَةُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْقُرْآنِ بِخَطِّ الْقُرْآنِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُنَزَّلًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، وَذَلِكَ يُوهِمُ قَطْعًا أَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ. وَلَا يُظَنُّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ كَوْنَهُ مُوهِمًا وَلَا جَوَازَ السُّكُوتِ عَنْ نَفْيِهِ مَعَ تَوَهُّمِ إلْحَاقِهِ، فَإِذًا الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَوْ كَانَ مِنْ الْقُرْآنِ لَقُطِعَ الشَّكُّ بِنَصٍّ مُتَوَاتِرٍ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِهِ، وَنَحْنُ نَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقُرْآنِ لَوَجَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ وَإِشَاعَتُهُ، وَلَنَفَاهُ بِنَصٍّ مُتَوَاتِرٍ بَعْدَ أَنْ أَمَرَ بِكَتْبِهِ بِخَطِّ الْقُرْآنِ، إذْ لَا عُذْرَ فِي السُّكُوتِ عَنْ قَطْعِ هَذَا التَّوَهُّمِ.
فَأَمَّا عَدَمُ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ كَانَ اعْتِمَادًا عَلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، إذْ كَانَ يُمْلِي عَلَى الْكَاتِبِ مَعَ الْقُرْآنِ «كَانَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي أَثْنَاءِ إمْلَائِهِ لَا يُكَرِّرُ مَعَ كُلِّ كَلِمَةٍ وَآيَةٍ أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ، بَلْ كَانَ جُلُوسُهُ لَهُ وَقَرَائِنُ أَحْوَالِهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَكَانَ يَعْرِفُ كُلَّ ذَلِكَ قَطْعًا. ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ الْبَسْمَلَةُ أَمَرَ بِهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ وَوُجِدَ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ» ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ وَهَذَا الظَّنُّ خَطَأٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: سَرَقَ الشَّيْطَانُ مِنْ النَّاسِ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ لَمَّا تَرَكَ بَعْضُهُمْ الْبَسْمَلَةَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فَقَطَعَ بِأَنَّهَا آيَةٌ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ كَمَا يُنْكَرُ عَلَى مَنْ أَلْحَقَ التَّعَوُّذَ وَالتَّشَهُّدَ بِالْقُرْآنِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ وَحَدَثَ الْوَهْمُ بَعْدَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: بَعْدَ حُدُوثِ الْوَهْمِ وَالظَّنِّ صَارَتْ الْبَسْمَلَةُ اجْتِهَادِيَّةً وَخَرَجَتْ عَنْ مَظِنَّةِ الْقَطْعِ، فَكَيْفَ يَثْبُتُ الْقُرْآنُ بِالِاجْتِهَادِ؟ قُلْنَا: جَوَّزَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْخِلَافَ فِي عَدَدِ الْآيَاتِ وَمَقَادِيرِهَا، وَأَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ مَنُوطٌ بِاجْتِهَادِ الْقُرَّاءِ وَأَنَّهُ لَمْ يُبَيَّنْ بَيَانًا شَافِيًا قَاطِعًا لِلشَّكِّ، وَالْبَسْمَلَةُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ هِيَ مَقْطُوعٌ بِكَوْنِهَا مِنْ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ مَرَّاتٍ كَمَا كُتِبَتْ، فَهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الشَّكُّ فِيهِ، وَيُعْلَمَ بِالِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ نَظَرَ فِي تَعْيِينِ مَوْضِعِ الْآيَةِ بَعْدَ كَوْنِهَا مَكْتُوبَةً بِخَطِّ الْقُرْآنِ فَهَذَا جَائِزٌ وُقُوعُهُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى إمْكَانِ الْوُقُوعِ وَأَنَّ الِاجْتِهَادَ قَدْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ، أَنَّ النَّافِيَ لَمْ يُكَفِّرْ الْمُلْحِقَ وَالْمُلْحِقُ لَمْ يُكَفِّرْ النَّافِيَ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ وَالتَّشَهُّدِ، فَصَارَتْ الْبَسْمَلَةُ نَظَرِيَّةً، وَكَتْبُهَا بِخَطِّ الْقُرْآنِ مَعَ الْقُرْآنِ مَعَ صَلَابَةِ الصَّحَابَةِ وَتَشَدُّدِهِمْ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ عَنْ الزِّيَادَةِ قَاطِعٌ أَوْ كَالْقَاطِعِ فِي أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ. فَإِنْ قِيلَ: فَالْمَسْأَلَةُ صَارَتْ نَظَرِيَّةً وَخَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً بِالتَّوَاتُرِ عِلْمًا ضَرُورِيًّا فَهِيَ قَطْعِيَّةٌ أَوْ ظَنِّيَّةٌ. قُلْنَا: الْإِنْصَافُ أَنَّهَا لَيْسَتْ قَطْعِيَّةً بَلْ هِيَ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَدَلِيلُ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِيهَا وُقُوعُ الْخِلَافِ فِيهَا فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَرَقَ الشَّيْطَانُ مِنْ النَّاسِ آيَةً وَلَمْ يَكْفُرْ بِإِلْحَاقِهَا بِالْقُرْآنِ وَلَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ.
وَنَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْبَسْمَلَةُ مِنْ سُورَةِ الْحَمْدِ وَأَوَائِلِ السُّوَرِ الْمَكْتُوبَةِ مَعَهَا لَقَبِلَ ذَلِكَ بِسَبَبِ كَوْنِهَا مَكْتُوبَةً بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ نُقِلَ أَنَّ الْقُنُوتَ مِنْ الْقُرْآنِ، لَعُلِمَ بُطْلَانُ ذَلِكَ بِطَرِيقٍ قَاطِعٍ لَا يُشَكُّ فِيهِ وَعَلَى الْجُمْلَةِ إذَا أَنْصَفْنَا وَجَدْنَا أَنْفُسَنَا شَاكِّينَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَسْمَلَةِ قَاطِعِينَ فِي مَسْأَلَةِ التَّعَوُّذِ وَالْقُنُوتِ، وَإِذَا نَظَرْنَا فِي كَتْبِهَا مَعَ الْقُرْآنِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ سُكُوتِهِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِنَفْيِ كَوْنِهَا مِنْ الْقُرْآنِ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِ الْوَهْمِ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست