وقد فسر الغزالي مراده بالاعتقاد هنا فقال: هو أن يأتي بالبحث الممكن عن المخصص أي: (المقيد) إلى حد يعلم أن بحثه بعد ذلك سعي ضائع، ويحس من نفسه بالعجز يقيناً فيكون العجز عن العثور عن الدليل المقيد في حقه يقيناً، وانتفاء الدليل في نفسه مظنوناً، وقال في موضع آخر جواباً عن هذه الشبهة، "قلنا: الجهل من جهة المكلف إن اعتقد عموم المطلق جزماً، بل ينبغي أن يعتقد أن ظاهره العموم، وهو محتمل للخصوص، وعلى المكلف أن يطلب دليل الخصوص إلى أن يبلغه أو يظهر له انتفاؤه؛ لأن المكلف إن اعتقد أنه عام قطعاً، أو خاص قطعاً أو لا عام ولا خص، أو هو عام وخاص معاً فكل ذلك جهل، فإذا بطل الكل لم يبق إلا اعتقاد أنه ظاهر في العموم محتمل للخصوص[1] اهـ
الوجه الثاني:
أن قولكم: ولم ينصب عليه دليلاً حين نزول المطلق في حيز المنع [1] المستصفى ص: 316، ثم يقول الغزالي بعد هذا الكلام: وبهذا يظهر بطلان مذهب أبي حنيفة رحمه الله حيث قال: قوله –تعالى-: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} يعتقد عمومه قطعاً، حتى يكون إخراج الكافرة من اللفظ نسخاً وقوله -تعالى-: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} يجب اعتقاد إجزائه قطعاً حتى يكون اشتراط الطهارة بدليل آخر نسخاً وهو خطأ، بل يعتقده ظاهراً محتملاً، أو يتوقف عن القطع والجزم نفياً وإثباتاً؛ فإنه ليس بقاطع. المستصفى ص: 361.