قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم، ثم قال: "ذروني ما تركتكم؛ فإنما أهلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".
وقد ذكر ابن كثير[1] هذه الحادثة سبباً لنزول الآية السابقة[2] فمثل: هذه الأسئلة هي التي ورد النهي عنها، أما الرجوع إلى المقيد ليعلم منه حكم المطلق، لما بينهما من علاقة بعد أن تم الدين وانقطع الوحي فلا يتجه إليه النهي، بل هو التفقه في الدين حسب قواعد استنباط الأحكام، وقد أمرنا الله بسؤال العلماء عما خفي علينا حُكْمُه قال -تعالى-: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [3]، فهذه الآية صريحة في وجوب السؤال عما [1] ابن كثير هو: إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي، الفقيه الحافظ المؤرخ أبو الفداء عماد الدين، ولد في قرية من أعمال بصرى في الشام سنة 701هـ وانتقل إلى دمشق سنة 706، ومن كتبه: البداية والنهاية في التاريخ، وتفسير القرآن الكريم، والباعث الحثيث إلى معرفة علوم الحديث، توفي رحمه الله سنة 774هـ.
الإعلام 2/317، طبقات الأصوليين 2/179 - 184. [2] تفسير ابن كثير 2/155. [3] سورة النحل آية: 43.