الأمر الثاني:
أن حمل المطلق على المقيد في هذه الحال وأمثالها يؤدي إلى التضييق والحرج وكلاهما مناف للشريعة السمحة، بيان ذلك أن المطلق فيه توسعة على المكلف حيث يقتضي خروجه عن العهدة بالإتيان بالفرد الذي توفر فيه القيد أو غيره، وفي إلزامه بالفرد المقيد الذي يتضمنه حمل المطلق على المقيد تضييق وحرج، وهذا ينافي مبدأ التسامح والتيسير في الشرع، فلا يصار إليه، لقوله تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [1].
وقد أجيب عن الأمر الأول:
بأن ما يقتضي حمل المطلق على المقيد متحقق وموجود في هذه الحال، وهو مطلق التنافي، ذلك أن المطلق والمقيد قد وردا في حكم واحد، والحكم الواحد لا يكون مطلقاً ومقيداً في آن واحد للتنافي بينهما، وهذا يستدعي جعل المقيد أصلاً يبنى عليه المطلق، ويبين بواسطته، لسكوت المطلق عن القيد، ونطق المقيد به، وهذا ما يجعل القيد ذا فائدة متوخاة.
علماً أن الجامع المقتضى للقياس الصحيح موجود في هذه المسألة، وهو في كفارة الظهار والقتل الخطأ التكفير بتحرير رقبة واجبة. [1] سورة الحج آية: 78.