وكذلك الشأن في البيت الثاني: دل (الضمير المثنى) في قوله: (أريد الخير أيهما يليني) على أنه عائد إلى شيئين، ولم يتقدمه في اللفظ إلا شيء واحد، وهو قوله: (أريد الخير) ، فدل على أن الشيء الآخر محذوف فسره في البيت الثاني بقوله: (أم الشر) ، وهذا دليل على أن المحذوف يقدر (وأتوقى الشر) كما بينا ذلك فيما سبق.
وأما الآيات: فدلالة العطف فيها صريحة وظاهرة في اعتبار وتعيين المحذوف.
وعليه فلا دلالة لهم فيها على حمل المطلق على المقيد لمجرد الورود فقط.
ثم لو سلمنا أن الأمثلة التي ذكروها ينطبق عليها تعريف المطلق والمقيد اصطلاحاً؛ فإنها تختلف عن المسألة التي نحن بصدد الحديث عنها، لأن ما ادعى فيه الإطلاق والتقييد من تلك الأمثلة الشعرية والآيات قد ورد فيه المطلق والمقيد في كلام واحد لا يستقل أحدهما عن الآخر فيه، بتمام الفائدة، بخلاف كفارة القتل الخطأ والظهار، فقد ورد كل من المطلق والمقيد في نصين يستقل أحدهما عن الآخر بتمام الفائدة، فلا يقاس ما هو مستقل بنفسه على ما ليس بمستقل في ذاته.
بقي أن نقول: إن الدليل على التقييد إما أن يكون مذكوراً في اللفظ كما في الأمثلة التي سبقت حيث دل العطف والإضمار على تقدير