وأما ابن الحاجب فكلامه مبني على اعتبار الجنس القريب في الملائم، وبذلك يخرج عنه الغريب، فلم يبق بينهما مخالفة إلا حكاية الاتفاق على غريب المرسل، والاختلاف فيه كملائمه"[1].
واعترض على هذا التقسيم بأن المناسب المأخوذ من المناسبة التي هي تعيين العلة بمجرد إبداء المناسبة من ذات الوصف لا بنص أو إجماع على العلية أخص من هذا التقسيم.
فكيف ينقسم المناسب إلى معتبر بنص أو إجماع، وإلى غيره؟!
وأجيب بأن المناسب المنقسم بهذا التقسيم أعم من المناسب المأخوذ من المناسبة المعروفة بما ذكر، مع أن اعتبار الشارع له بالنص أو الإجماع لا يخرجه عن كون طريقه في ذاته مناسبة، لأن اعتبار الشارع بالنص أو الإجماع، إنما هو في كونه مؤثراً لا في كونه مناسباً[2]. [1] انظر: نبراس العقول في تعريف القياس عند علماء الأصول 1/302. [2] انظر: حاشية العطار 2/324-325، والشربيني معها 2/324.
المبحث الرابع: تقسيم الإمام له
...
المبحث الرابع
وأما الإمام فقد قال: "المناسب إما أن يعلم أن الشارع اعتبره، أو يعلم أنه ألغاه، أو لا يعلم واحد منهما.
أما القسم الأول فهو على أقسام أربعة: لأنه إما أن يكون نوعه معتبراً في نوع ذلك الحكم، أو في جنسه، أو بكون جنسه معتبراً في نوع ذلك الحكم، أو في جنسه.
مثال تأثير النوع في النوع: أنه إذا ثبت أن حقيقة السكر اقتضت حقيقة التحريم كان النبيذ ملحقاً بالخمر، لأنه لا تفاوت بين العلتين، وبين الحكمين إلا اختلاف المحلين، واختلاف المحل لا يقتضي ظاهراً اختلاف الحالين.