بأن المصلحة وحفظ نظام العالم يقتضي ذلك، لتغير أهله وفسادهم، وأن مراعاة ذلك هو مقتضى ما جاءت به الشريعة من التيسير والسهولة ودفع الضرر والفساد واعتبار مثل هذا هو عين الأخذ بالاستدلال المرسل.
3 - أوضح ذلك بالأمثلة التي ساقها كالاستئجار على تعليم القرآن وعلى الأذان والصلاة بالناس، وبين أن ذلك وإن كان مخالفاً لما اتفق عليه الإمام وصاحباه على منع أخذ الأجرة عليها كبقية العبادات، إلا أن حاجة حفظ الدين بإقامة تلك الشعائر وحفظ قوام حياة القائم بها ومن يعوله اقتضى ذلك.
وهذا لا يبقى معه مجال للشك في أن أبا حنيفة وأتباعه رحمهم الله يعتبرون الاستدلال بالمرسل أصلاً تبنى عليه الأحكام وتفرع عليه الفروع، وما ذكرته قليل من كثير كما قال ابن عابدين فإنه بعد ذكر الأمثلة التي نقلت عنه وغيرها قال: وهي كثيرة جداً لا يمكن استقصاؤها[1].
وحيث إنه ليس من موضوعي استقصاؤها فإنني أكتفي بما ذكرته كدليل على اعتبار الأحناف للمناسب المرسل أصلاً تبنى عليه الأحكام وأن الأخذ به لا يعد أخذاً بالرأي المجرد عن الدليل، والله تعالى أعلم. [1] انظر: رسائل الإصلاح لابن عابدين 2/127.