السمنية[1] والبراهمة[2] في ذلك، حيث قالوا: "لا علم في غير الضروريات إلا بالحواس دون الأخبار".
وما ذكروه من نفي إفادة الخبر المتواتر للعلم مكابرة وخلاف باطل لا يستحق قائله الجواب عليه. فإنا نجد من أنفسنا العلم الضروري بالبلاد النائية، والأمم الخالية، والقضايا الماضية بما يرد علينا من الأخبار، كما نجد العلم بالمحسوسات من غير فرق بينهما فيما يعود إلى الجزم بالعلم بالصدق في كل ذلك. وليس ذلك إلا بالأخبار قطعاً، ومن أنكر حصول العلم بذلك، فقد سقطت مكالمته وظهر جنونه أو مجاحدته. [1] السمنية بضم السين وفتح الميم طائفة تعبد الأصنام، دهرية تقول بالتناسخ، وتنكر حصول العلم بالأخبار، تنسب إلى صنم يسمى سمن أو بلد يسمى سمونات. انظر: مذكرة أصول الفقه للشيخ محمّد الأمين الشنقيطي ص: 98، والمسودة لآل تيمية ص: 234، وتعليق عبد الرؤوف سعد علي، على شرح تنقيح الفصول للقرافي ص: 350. [2] البراهمة: طائفة من طوائف الهند تنكر النبوات أصلاً، وتنسب إلى رجل يقال له: برهام، قرر لهم استحالة النبوات، بأن ما يأتي به الرسول إن كان معقولاً، فالعقل كافٍ في إدراكه، ولا حاجة إلى الرسول، وإن كان غير معقولٍ فلا يقبل، لأن في قبوله خروجاً عن حد الإنسانية إلى البهيمية، وإن الله حكيم يستحيل عليه أن يتعبد المخلوقات بما لا تدركه العقول، وإن العقل دل على أن للعالم صانعاً، والحكيم لا يتعبد الخلق بما تستقبحه العقول. انظر: الملل والنحل للشهرستاني مع الفصل 5/174-176.