responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 254
(لِأَنَّ الْإِطْعَامَ جَعْلُ الْغَيْرَ طَاعِمًا لَا جَعْلُهُ مَالِكًا وَأُلْحِقَ بِهِ التَّمْلِيكُ دَلَالَةً؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَضَاءُ حَوَائِجِهِمْ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ فَأُقِيمَ التَّمْلِيكُ مَقَامَهَا، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْكِسْوَةِ) أَيْ لَا يَكُونُ الْأَصْلُ فِي الْكِسْوَةِ الْإِبَاحَةُ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ بِالْكَسْرِ الثَّوْبُ فَوَجَبَ أَنْ تَصِيرَ الْعَيْنُ كَفَّارَةً وَإِذًا بِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ لَا إعَارَةٍ لَا إذْ هِيَ تَرِدُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ (عَلَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ فِي الطَّعَامِ تُتِمُّ الْمَقْصُودَ) أَيْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْكِسْوَةَ بِالْكَسْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّمْلِيكِ ثَابِتًا بِدَلَالَةِ النَّصِّ لَا بِنَفْسِ النَّظْمِ لَا يَلْزَمُ فِي الْإِطْعَامِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَهِيَ الْإِبَاحَةُ، وَالْمَجَازِ وَهُوَ التَّمْلِيكُ.
(قَوْلُهُ فَوَجَبَ أَنْ تَصِيرَ الْعَيْنُ كَفَّارَةً) فَإِنْ قُلْت الْكَفَّارَةُ لَا تَكُونُ عَيْنًا؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، وَفِي الْحَقِيقَةِ اسْمٌ لَلْفِعْلَةِ الَّتِي تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْفِعْلِ، أَيْ إعْطَاءِ الْكِسْوَةِ سَوَاءٌ كَانَ بِطَرِيقِ الْإِعَارَةِ أَوْ التَّمْلِيكِ قُلْت: نَعَمْ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْكَفَّارَةَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ نَفْسَ الثَّوْبِ فَوَجَبَ التَّقْدِيرُ عَلَى وَجْهٍ يَصِيرُ هُوَ كَفَّارَةً فِي الْجُمْلَةِ، وَذَلِكَ فِي تَمْلِيكِهِ دُونَ إعَارَتِهِ إذْ بِالْإِعَارَةِ تَصِيرُ الْكَفَّارَةُ مَنَافِعَ الثَّوْبِ لَا عَيْنَهُ، فَإِنْ قُلْت الْمَذْكُورُ فِي كَفَّارَةِ الْإِطْعَامِ أَيْضًا هُوَ الْعَيْنُ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ} [المائدة: 89] بَدَلٌ مِنْ الطَّعَامِ، وَالْبَدَلُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالنِّسْبَةِ، وَلِذَا جَعَلَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89] عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ مِنْ أَوْسَطِ لَا عَلَى " إطْعَامُ " فَيَلْزَمُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الطَّعَامِ أَيْضًا التَّمْلِيكُ قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ، وَصْفًا لِمَحْذُوفٍ، أَيْ طَعَامًا مِنْ أَوْسَطِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِإِطْعَامٍ أَوْ نُصِبَ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي، وَلَا حُجَّةَ مَعَ الِاحْتِمَالِ، فَإِنْ قُلْتَ الْبَدَلُ رَاجِحٌ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا بِالنِّسْبَةِ وَمُسْتَغْنِيًا عَنْ التَّقْدِيرِ وَمُشْتَمِلًا عَلَى زِيَادَةِ الْبَيَانِ وَالتَّقْدِيرِ وَمُؤَدِّيًا إلَى كَوْنِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ اسْمَ عَيْنٍ كَالْمَعْطُوفِ. قُلْتُ: مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ إذَا جُعِلَ بَدَلًا يَكْثُرُ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ أَعْنِي جَعْلَ الْكَفَّارَةِ عَيْنًا لَا مَعْنًى، وَيَصِيرُ عَطْفُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ عَطْفِ الْمَعْنَى عَلَى الْعَيْنِ، وَيَفْتَقِرُ أَيْضًا إلَى التَّقْدِيرِ، أَيْ إطْعَامٌ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ، وَيَقَعُ لَفْظُ إطْعَامٍ غَيْرَ مَقْصُودٍ بِالنِّسْبَةِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ بَيَانَ الْمَصْرِفِ أَعْنِي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ أَوْلَى وَأَهَمُّ بِالْقَصْدِ مِنْ بَيَانِ كَوْنِ الْمَطْعُومِ {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] إذْ رُبَّمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْإِطْلَاقِ بِقَرِينَةِ الْعُرْفِ فَجَعْلُ مَا هُوَ غَايَةُ الْمَقْصُودِ غَيْرَ مَقْصُودٍ، وَمَا هُوَ دُونَهُ مَقْصُودًا خُرُوجٌ عَنْ الْقَانُونِ، وَلِهَذَا يُجْعَلُ ضَمِيرُ كِسْوَتِهِمْ عَائِدًا إلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لَا إلَى أَهْلِيكُمْ، وَأَيْضًا فِي الْعَطْفِ اتِّحَادُ جِهَةِ الْإِعْرَابِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كِسْوَتُهُمْ فِي مَوْقِعِ الْبَدَلِ مِنْ إطْعَامٍ، وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ غَلَطٌ لَا مَسَاغَ لَهُ فِي فَصِيحِ الْكَلَامِ إذْ لَا تَحْصُلُ الْمُلَابَسَةُ الْمُصَحِّحَةُ لِبَدَلِ الِاشْتِمَالِ بِمُجَرَّدِ إضَافَتِهِمَا إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ كَمَا إذَا قُلْنَا: أَعْجَبَنِي ثَوْبُ زَيْدٍ كِتَابُهُ، وَمَرَرْت بِفَرَسِهِ حِمَارِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْإِبَاحَةِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ، وَاللُّغَةِ أَنَّ الْكِسْوَةَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْإِلْبَاسِ لَا اسْمٌ لِلثَّوْبِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْإِشَارَةِ قَوْله تَعَالَى

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست