responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 290
فَإِنَّ تِلْكَ الدَّلَائِلَ غَيْرُ قَوْله تَعَالَى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] يُرَادُ بِهَا الْأَمْرُ الْقَوْلِيُّ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الْفَعْلِيِّ، وَسَيَأْتِي، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] فَالضَّمِيرُ فِي أَمْرِهِ إنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى الرَّسُولِ فَالْقَوْلُ مُرَادٌ إجْمَاعًا فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا يُرَادُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ مَعْنًى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاتِّبَاعِ، وَهُوَ مَعْنَى كَوْنِهِ لِلْإِيجَابِ كَمَا ثَبَتَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [المائدة: 92] أَنَّ قَوْلَهُ مُوجِبٌ فَإِنْ قُلْت: أَيُّ حَاجَةٍ إلَى الِاحْتِجَاجِ عَلَى الْفَرْعِ بَعْدَ إثْبَاتِ الْأَصْلِ؟ قُلْت فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ مَعَ ابْتِنَائِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَثُبُوتِهِ بِأَدِلَّتِهِ ثَابِتٌ بِدَلِيلٍ مُسْتَقِلٍّ.
(قَوْلُهُ قُلْنَا) لَمَّا احْتَجَّ الْخَصْمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ عَلَى حِدَةٍ احْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى بُطْلَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ إشَارَةٍ إلَى جَوَابٍ عَنْ احْتِجَاجِهِ، وَالِاحْتِجَاجُ عَلَى بُطْلَانِ الْأَصْلِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ بِخُصُوصِهِ اتِّفَاقًا فَلَوْ كَانَ حَقِيقَةً فِي الْفِعْلِ أَيْضًا يَلْزَمُ الِاشْتِرَاكُ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ لِإِخْلَالِهِ بِالتَّفَاهُمِ فَلَا يُرْتَكَبُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَالْمَجَازُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ رَاجِحٌ عَلَى الِاشْتِرَاكِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا إنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ بِخُصُوصِهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ اللَّفْظِ حَقِيقَةً فِي أَمْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا كَالْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ، وَلَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ بَلْ هُوَ مُتَوَاطِئٌ، الثَّانِي أَنَّ الْأَمْرَ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً فِي الْفِعْلِ لَمَا صَحَّ نَفْيُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ النَّفْيِ مِنْ لَوَازِمِ الْحَقِيقَةِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا وَلَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ صِيغَةُ افْعَلْ يَصِحُّ عُرْفًا وَلُغَةً أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ، وَالدَّلِيلُ الْأَوَّلُ أَعَمُّ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ لَا يُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى الْفَعْلِ بِالْفَتْحِ أَعْنِي مَصْدَرَ فَعَلَ حَتَّى يُشْتَقَّ مِنْهُ أَمَرَ بِمَعْنَى فَعَلَ، وَيَأْمُرُ بِمَعْنَى يَفْعُلُ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ لَا يُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى الْفِعْلِ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى الشَّأْنِ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ يُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى نَفْسِ صِيغَةِ افْعَلْ اسْتِعْلَاءً، وَعَلَى اقْتِضَاءِ الْفِعْلِ بِطَرِيقِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَالْأَوَّلُ اسْمٌ وَالثَّانِي مَصْدَرٌ بِمَنْزِلَةِ الْقَوْلِ، وَالْخَبَرِ، وَالْخِلَافُ فِي أَنَّ الْأَوَّلَ هَلْ يُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى الْحَاصِلِ مِنْ الْمَصْدَرِ أَعْنِي الشَّأْنَ، وَالثَّانِي هَلْ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ بِمَصْدَرِ فَعَلَ يَفْعُلُ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ احْتِجَاجِ الْخَصْمِ بِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْفِعْلِ أَمْرٌ كَمَا فِي {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: 97] ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْآيَاتِ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ يَجِبُ بِالْأَمْرِ وَيَثْبُتُ بِهِ فَيَكُونُ مِنْ آثَارِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: شَبَّهَ الدَّاعِيَ إلَى الْفِعْلِ بِالْأَمْرِ فَسَمَّى الْفِعْلَ أَمْرًا تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ كَتَسْمِيَةِ الْمَشْئُونِ أَيْ الْمَقْصُودِ بِالشَّأْنِ الَّذِي هُوَ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست