responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 379
بَيْنَ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ) ، وَقَدْ سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنْ قِيلَ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ لَازِمٌ عَلَى تَقْدِيرِ التَّوَسُّطِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى إيجَادِ الْفِعْلِ بَلْ يُوجَدُ بِخَلْقِ اللَّهِ فَيَكُونُ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ تَكْلِيفًا بِالْمُحَالِ قُلْنَا: نَعَمْ، لَكِنْ لِلْعَبْدِ قَصْدٌ اخْتِيَارِيٌّ فَالْمُرَادُ بِالتَّكْلِيفِ بِالْحَرَكَةِ التَّكْلِيفُ بِالْقَصْدِ إلَيْهَا، ثُمَّ بَعْدَ الْقَصْدِ الْجَازِمِ يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى الْحَرَكَةَ أَيْ: الْحَالَةَ الْمَذْكُورَةَ بِإِجْرَاءِ عَادَتِهِ أَوْ التَّكْلِيفُ بِالْحَرَكَةِ بِنَاءً عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى سَبَبِهَا الْمُوصِلِ إلَيْهَا غَالِبًا وَهُوَ الْقَصْدُ.
(عَلَى أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِاخْتِيَارِهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَيِّزِ الْإِمْكَانِ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ دَلِيلِ الْأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ فِي الْأَزَلِ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ لَا يُؤْمِنُ أَصْلًا، فَإِنْ آمَنَ يَنْقَلِبُ عِلْمُ اللَّهِ جَهْلًا، وَهُوَ مُحَالٌ فَإِيمَانُهُ مُحَالٌ فَالْأَمْرُ بِالْإِيمَانِ يَكُونُ تَكْلِيفًا بِالْمُحَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعُصَاةِ وَالْكُفَّارِ، فَصَارَ حَاصِلُ النِّزَاعِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ هَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يُطَاقُ حَتَّى يَكُونَ التَّكْلِيفُ الْوَاقِعُ بِهِ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ أَمْ لَا، فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ هُوَ مِمَّا يُطَاقُ بِمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ قَادِرٌ عَلَى الْقَصْدِ إلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُقْ اللَّهُ الْفِعْلَ عَقِيبَ قَصْدِهِ، وَلَا مَعْنَى لِتَأْثِيرِ قُدْرَةِ الْعَبْدِ فِي أَفْعَالِهِ إلَّا هَذَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي تَحْقِيقِ التَّوَسُّطِ بَيْنَ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ، وَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ هُوَ مُحَالٌ لِاسْتِلْزَامِهِ الْمُحَالَ، وَهُوَ انْقِلَابُ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى جَهْلًا أَوْ وُقُوعُ الْكَذِبِ فِي اخْتِيَارِهِ فَإِيمَانُ أَبِي جَهْلٍ مُحَالٌ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ فَالتَّكْلِيفُ بِمَا لَا يُطَاقُ وَاقِعٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِعَدَمِ إيمَانِهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِمْكَانِ أَيْ: عَنْ كَوْنِهِ مَقْدُورًا لِأَبِي جَهْلٍ وَمُخْتَارًا لَهُ بِمَعْنَى صِحَّةِ تَعَلُّقِ قُدْرَتِهِ بِالْقَصْدِ إلَيْهِ غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُحْدِثُهُ عَقِيبَ قَصْدِهِ، وَإِنَّمَا فُسِّرَ الْإِمْكَانُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْبَقَاءَ عَلَى الْإِمْكَانِ الذَّاتِيِّ غَيْرُ مُفِيدٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَقَوْلُهُ: الْعِلْمُ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْجَوَابِ إلَّا أَنَّهُ دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ أَنَّ جَمِيعَ التَّكَالِيفِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ ضَرُورَةَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى إمَّا مُتَعَلِّقٌ بِوُجُودِ الْفِعْلِ فَيَجِبُ أَوْ بِعَدَمِهِ فَيَمْتَنِعُ، وَلَا شَيْءَ مِنْ الْوَاجِبِ وَالْمُمْتَنِعِ بِمُسْتَطَاعٍ وَمُقَدَّرٍ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ كَوْنَ الْعِلْمِ تَابِعًا لِلْمَعْلُومِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ فِي الْأَزَلِ بِكُلِّ شَيْءٍ أَنَّهُ يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْوُجُوبُ أَوْ الِامْتِنَاعُ، وَلِهَذَا صَرَّحَ الْمُحَقِّقُونَ بِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِ عِلْمِهِ تَابِعًا لِلْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُطَابَقَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ جِهَةِ الْعِلْمِ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ عَلَى طِبْقِ الْمَعْلُومِ وُقُوعًا أَوْ عَدَمَ وُقُوعٍ، وَيَكْفِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْوُجُوبَ أَوْ الِامْتِنَاعَ بِوَاسِطَةِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إخْبَارِهِ لَا يُوجِبُ كَوْنَ الْفِعْلِ غَيْرَ مَقْدُورٍ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ أَنَّهُ يُؤْمِنُ أَوْ لَا يُؤْمِنُ بِاخْتِيَارِهِ وَقُدْرَتِهِ فَيَعْلَمُ أَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا وَقُدْرَةً فِي الْإِيمَانِ وَعَدَمِهِ، وَكَذَا فِي الْإِخْبَارِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي تَقْرِيرِ دَلِيلِ الْأَشْعَرِيِّ إنَّ أَبَا جَهْلٍ مُكَلَّفٌ بِالْإِيمَانِ، وَهُوَ تَصْدِيقُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي جَمِيعِ مَا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ فَقَدْ كُلِّفَ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست