responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 190
يَشْهَدُوا عَلَيْهِ دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي السَّتْرِ عَلَيْهِ مِثْلٍ زَلَّة مِنْ هَذِهِ الزَّلَّاتِ تَقَعُ نُدْرَةً مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ ثُمَّ يُقْلِعُ عَنْهَا وَيَتُوبُ مِنْهَا فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا، وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِضِرَارٍ فِي حَقِّ مَاعِزٍ: هَلَّا سَتَرْتَهُ بِثَوْبِك يَا ضِرَارُ؟» وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ» وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» . فَإِنْ قِيلَ: إذَا عَلِمَ الشُّهُودُ أَنَّ الزَّانِيَ قَدْ تَابَ مِنْ الزِّنَا فَصَلَحَتْ حَالُهُ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُمْ تَزْكِيَتُهُ فَهَلْ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا بَعْدَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: إنْ أَسْقَطْنَا الْحَدَّ بِالتَّوْبَةِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ بَقِينَا الْحَدَّ مَعَ التَّوْبَةِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، وَالْأَوْلَى كِتْمَانُهَا. فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَالْحَدُّ وَالْقِصَاصُ؟ قُلْنَا: هُوَ مَجَازٌ عَنْ وُجُوبِ تَمْكِينِهِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَاتِ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، وَلَا عَلَى الْجَارِحِ أَنْ يَجْرَحَ نَفْسَهُ وَلَا عَلَى الزَّانِي أَنْ يَجْلِدَ نَفْسَهُ وَلَا أَنْ يَرْجُمَهَا، وَكَذَلِكَ الْمُعَزَّرُ، وَقَدْ صَرَّحَ الرَّبُّ بِإِيجَابِ أَدَاءِ الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا، وَأَدَاؤُهَا عِبَارَةٌ عَنْ تَمْكِينِ أَهْلِهَا مِنْ قَبْضِهَا وَأَخْذِهَا، فَكَذَلِكَ وُجُوبُ الْعُقُوبَاتِ عَلَى ذَوِي الْجَرَائِمِ.

وَالْحُقُوقُ فِي الشَّرْعِ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يَجِبُ التَّمْكِينُ مِنْ قَبْضِهِ وَأَخْذِهِ كَأَمَانَاتِ الرَّبِّ وَأَمَانَاتِ عِبَادِهِ، فَأَمَّا أَمَانَاتُ الرَّبِّ فَكَاسْتِئْمَانِهِ الْآبَاءَ وَالْأَوْصِيَاءَ عَلَى الْيَتَامَى، وَكَاسْتِئْمَانِهِ مَنْ أَطَارَتْ إلَيْهِ الرِّيحُ ثَوْبًا لِغَيْرِهِ وَكَاسْتِئْمَانِهِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ لِإِنْسَانٍ فَمَاتَ رَبُّهَا وَانْتَقَلَتْ إلَى وَرَثَتِهِ مَعَ بَقَائِهَا فِي يَدِ الْأَمِينِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ لِوَرَثَتِهِ فَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَ بِهَا أَرْبَابَهَا إنْ لَمْ يَكُونُوا عَلِمُوا بِهَا، ثُمَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِعْلَامِ بِهَا إلَّا التَّمْكِينُ مِنْ قَبْضِهَا.
وَأَمَّا أَمَانَاتُ النَّاسِ فَكَالْوَدَائِعِ وَلَا يَجِبُ فِيهَا إلَّا التَّمْكِينُ مِنْ قَبْضِهَا.

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست