responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 205
وَهَذَا بِخِلَافِ اسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْحَقَّ وَقَدْ صَارَ غُرْمًا؛ لِأَنَّ النِّصَابَ صَارَ فِي حَقِّ الْوَاجِبِ حَقًّا لِصَاحِبِ الْحَقِّ فَيَصِيرُ الْمُسْتَهْلِكُ مُتَعَدِّيًا عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ فَعُدَّ قَائِمًا فِي حَقِّ صَاحِبِ الْحَقِّ فَصَارَ الْوَاجِبُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ غَيْرَ مُتَبَدِّلٍ، وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّ الْمُوسِرَ إذَا حَنِثَ فِي الْيَمِينِ ثُمَّ أُعْسِرَ وَذَهَبَ مَالُهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّرْعَ خَيَّرَهُ عِنْدَ قِيَامِ الْقُدْرَةِ بِالْمَالِ وَالتَّخْيِيرُ تَيْسِيرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِفَوَاتِ جُزْءٍ مِنْ النِّصَابِ لِانْتِفَاءِ الْكُلِّ بِفَوَاتِ جُزْئِهِ.
قَوْلُهُ (وَهَذَا) أَيْ هَلَاكُ النِّصَابِ يُخَالِفُ اسْتِهْلَاكَهُ بِأَنْ أَنْفَقَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ مَجَانَةً بِأَنْ أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ وَإِنْ فَاتَ النَّمَاءُ وَالْمِلْكُ كَمَا فِي الْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ صَارَ فِي حَقِّ الْوَاجِبِ حَقًّا لِصَاحِبِ الْحَقِّ وَهُوَ الْفَقِيرُ، بَيَانُهُ أَنَّ النِّصَابَ وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ رَبِّ الْمَالِ وَفِي يَدِهِ حَتَّى جَازَ بَيْعُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ عِنْدَنَا وَلَكِنَّهُ فِي حَقِّ الْوَاجِبِ صَارَ حَقًّا لِلْفَقِيرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَارَ رَصْدًا لِقَضَاءِ حَقِّهِ مِنْهُ إذْ الْوَاجِبُ جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ لَا مُطْلَقُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ النِّصَابَ مِنْ الْفَقِيرِ لَا يَنْوِي الزَّكَاةَ أَجْزَأَهُ عَنْ الزَّكَاةِ، وَلَوْ وَهَبَ مَالًا آخَرَ لَهُ لَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مَالًا مُطْلَقًا فِي الذِّمَّةِ لَكَانَ هَلَاكُ النِّصَابِ وَبَقَاؤُهُ سَوَاءً.
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ كَانَ الْمُسْتَهْلِكُ جَانِيًا عَلَى مَحَلِّ الْحَقِّ بِالْإِتْلَافِ فَيُجْعَلُ الْمَحِلُّ قَائِمًا زَجْرًا عَلَيْهِ وَنَظَرًا لِصَاحِبِ الْحَقِّ إذْ لَوْ لَمْ يُجْعَلْ قَائِمًا أَدَّى إلَى فَوَاتِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ يَصْرِفُ مَالَ الزَّكَاةِ إلَى حَاجَتِهِ فَلَا يَصِلُ الْفَقِيرُ إلَى حَقِّهِ وَإِذَا جُعِلَ قَائِمًا تَقْدِيرًا يَبْقَى الْوَاجِبُ بِبَقَائِهِ كَمَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءً بِالنَّمَاءِ تَقْدِيرًا، وَهَذَا كَالْمَوْلَى إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ أَوْ قَتَلَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِالْجِنَايَةِ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى حَقِّهِمْ بِإِتْلَافِ مَحِلِّهِ وَلَوْ فَرَّطَ فِي تَسْلِيمِ الْعَبْدِ حَتَّى هَلَكَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيطَ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلضَّمَانِ فَكَذَا هَذَا، وَلِأَنَّهُ خُوطِبَ بِأَدَاءِ الْعَيْنِ إلَى الْفَقِيرِ فَإِذَا أَقْدَمَ عَلَى الِاسْتِهْلَاكِ فَقَدْ قَصَدَ إسْقَاطَ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيَجْعَلُ الْعَيْنَ كَالْقَائِمِ رَدًّا لِقَصْدِهِ، فَإِذَا هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا صُنْعَ مِنْ جِهَتِهِ فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ الْوَاجِبُ، وَنَظِيرُهُ الصَّائِمُ إذَا سَافَرَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِاخْتِيَارِهِ وَقَصْدِهِ وَلَوْ مَرِضَ أُبِيحَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ فَكَذَلِكَ هَهُنَا، وَلِأَنَّ السَّعْيَ لَا يَأْخُذُ ذَلِكَ الْوَاجِبَ بَلْ يَأْخُذُ وَاجِبًا آخَرَ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ الِاسْتِهْلَاكُ وَسَبَبُ الْوُجُوبِ إذَا تَحَقَّقَ أَمْكَنَ تَحْقِيقُ الْوُجُوبِ، وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ الْمُيَسِّرَةَ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ نَظَرًا لِمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَالْمُفَوِّتُ لَهَا لَا يَسْتَحِقُّ النَّظَرَ كَذَا فِي الْأَسْرَارِ وَطَرِيقَةُ الْإِمَامِ الْبُرَغْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا.
قَوْلُهُ (وَلِهَذَا قُلْنَا) أَيْ وَلِاشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهَا قُلْنَا كَذَا، وَالتَّخْيِيرُ تَيْسِيرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ شَرْعًا تُرُفِّقَ بِمَا هُوَ الْأَيْسَرُ عَلَيْهِ كَالْمُسَافِرِ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا وَكَانَ الْوَاجِبُ شَيْئًا عَيْنًا بِدُونِ اخْتِيَارِهِ كَانَ أَشَقَّ عَلَيْهِ كَالْمُقِيمِ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ عَيْنًا، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ قَدْ خُيِّرَ فِيهَا بَيْنَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَبَيْنَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَمْ يُفِدْ التَّخْيِيرُ التَّيْسِيرَ حَتَّى قُلْتُمْ إنَّهَا وَاجِبَةٌ بِقُدْرَةٍ مُمَكِّنَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَخْيِيرٍ مَعْنًى فَلَا يُفِيدُ التَّيْسِيرَ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّخْيِيرِ قَدْ يَكُونُ تَأْكِيدًا لِوَاجِبٍ وَقَدْ يَكُونُ تَيْسِيرًا لِأَمْرٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ.
، فَنَظِيرُ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ} [النساء: 66] ، أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْكُمْ، وَقَوْلُك لِوَلَدِك حِينَ غَضِبْت عَلَيْهِ إمَّا أَنْ تَقْرَأَ اللَّيْلَةَ رُبُعَ الْقُرْآنِ أَوْ تَقْرَأَ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ أَوْ تَكْتُبَ كَذَا جُزْءٍ مِنْ الْعِلْمِ ثُمَّ تَنَامَ وَإِلَّا لَأَنْتَقِمَنَّ مِنْك فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ تَأْكِيدُ مَا أَوْجَبْت عَلَيْهِ مِنْ السَّهَرِ فِي التَّعَبِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست