responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 1  صفحه : 114
وَلَنَا فِي الْمَعْهُودِ فِيهَا حَالَةُ الْحَيَاةِ الطَّهَارَةُ، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ الْمَوْتُ النَّجَاسَةَ فِيمَا يُحِلُّهُ وَلَا تُحِلُّهَا الْحَيَاةُ فَلَا يُحِلُّهَا الْمَوْتُ، وَإِذَا لَمْ يُحِلَّهَا وَجَبَ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ الْوَصْفِ الشَّرْعِيِّ الْمَعْهُودِ لِعَدَمِ الْمُزِيلِ وَفِي السُّنَّةِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي شَاةِ مَوْلَاةِ مَيْمُونَةَ حِينَ مَرَّ بِهَا مَيِّتَةً «إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا» فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي لَفْظٍ «إنَّمَا حَرُمَ عَلَيْكُمْ لَحْمُهَا وَرُخِّصَ لَكُمْ فِي مَسْكِهَا» وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِيِّ «إنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَيْتَةِ لَحْمَهَا فَأَمَّا الْجِلْدُ وَالشَّعْرُ وَالصُّوفُ، فَلَا بَأْسَ» ، وَهُوَ وَإِنْ أَعَلَّه بِتَضْعِيفِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ مُسْلِمٍ فَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ فَهُوَ لَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَضَعَّفَهُمَا وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِمَعْنَاهُ ضَعِيفَةُ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَتَمَشَّطُ بِمُشْطٍ مِنْ عَاجٍ» وَضَعَّفَهُ فَهَذِهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ لَوْ كَانَتْ ضَعِيفَةً حَسُنَ الْمَتْنُ فَكَيْفَ وَمِنْهَا مَا لَا يَنْزِلُ عَنْ الْحُسْنِ وَلَهُ الشَّاهِدُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مُخْتَصَرًا وَفِي الْبَدَائِعِ لِأَصْحَابِنَا طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ بِمَيْتَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِمَا زَالَتْ حَيَاتُهُ لَا بِصُنْعِ أَحَدٍ مِنْ الْعِبَادِ أَوْ بِصُنْعٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ وَلَا حَيَاةَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَلَا تَكُونُ مَيْتَةً وَالثَّانِي أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَيْتَاتِ لَيْسَتْ لِأَعْيَانِهَا بَلْ لِمَا فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ السَّائِلَةِ وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ وَلَمْ تُوجَدْ فِي هَذِهِ الْأَجْزَاءِ اهـ.
وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَلَى الثَّانِيَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الطَّرِيقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْهِدَايَةِ لَا تَجْرِي فِي الْعَصَبِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَيَاةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَكَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَتَأَلَّمُ الْحَيُّ بِقَطْعِهِ بِخِلَافِ الْعَظْمِ، فَإِنَّ قَطْعَ قَرْنِ الْبَقَرَةِ لَا يُؤْلِمُهَا فَدَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَظْمِ حَيَاةٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فَالْأُولَى هِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ وَعَلَيْهَا لَا يُحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ قَوْله تَعَالَى {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79] ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ الْمَيْتَاتِ إلَّا أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَيْتَاتِ إنَّمَا هِيَ لِمَا فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ وَالرُّطُوبَاتِ وَالْعَصَبُ صَقِيلٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ، وَكَذَا فِي الْعَظْمِ وَالشَّعْرِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْكَشَّافِ بِقَوْلِهِ وَلَقَدْ اسْتَشْهَدَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ يُثْبِتُ الْحَيَاةَ فِي الْعِظَامِ وَيَقُولُ إنَّ عِظَامَ الْمَوْتَى نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يُؤَثِّرُ فِيهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَيَاةَ تُحِلُّهَا، وَأَمَّا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَهِيَ عِنْدَهُمْ طَاهِرَةٌ وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ وَالْعَصَبُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْحَيَاةَ لَا تُحِلُّهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الْمَوْتُ، وَيَقُولُونَ الْمُرَادُ بِإِحْيَاءِ الْعِظَامِ فِي الْآيَةِ رَدُّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ غَضَّةً رَطْبَةً فِي بَدَنٍ حَيٍّ حَسَّاسٍ اهـ.
وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ صَاحِبَ الْكَشَّافِ لَمْ يَرْتَضِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يَزْعُمُونَ لِأَنَّ زَعَمَ مَطِيَّةُ الْكَذِبِ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ زَعَمَ خَاصٌّ فِي الْبَاطِلِ بَلْ يُسْتَعْمَلُ تَارَةً فِيهِ وَتَارَةً فِي الْحَقِّ فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7] وَمِنْ الثَّانِي قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «زَعَمَ رَسُولُك أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ» صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِظَامِ النُّفُوسُ كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَحِينَئِذٍ يَعُودُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ {وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] إلَى الْعِظَامِ الْحَقِيقِيَّةِ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِخْدَامِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَقْسَامِهِ كَمَا عُرِفَ فِي عِلْمِ الْبَدِيعِ أَنْ يُرَادَ بِلَفْظٍ لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا ثُمَّ يُؤْتَى بَعْدَهُ بِضَمِيرٍ يَعُودُ فِي اللَّفْظِ عَلَيْهِ وَفِي الْمَعْنَى عَلَى مَعْنَاهُ الْآخَرِ كَقَوْلِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ
إذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابًا
، فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالسَّمَاءِ الْمَطَرَ وَأَرَادَ بِالضَّمِيرِ فِي رَعَيْنَاهُ النَّبَاتَ وَالنَّبَاتُ أَحَدُ مَعْنَى السَّمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَطَرَ سَبَبُهُ وَسَوَّغَ لَهُ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلَى النَّبَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرٌ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ سَبَبِهِ، وَهُوَ السَّمَاءُ الَّتِي أُرِيدَ بِهَا الْمَطَرُ فَكَذَلِكَ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ الْعِظَامَ لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا: مُرَادٌ، وَهُوَ النُّفُوسُ مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ الْبَعْضِ وَإِرَادَةِ الْكُلِّ وَالْمَعْنَى الْآخَرُ، وَهُوَ الْعِظَامُ الْحَقِيقِيَّةُ غَيْرُ مُرَادٍ ثُمَّ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى غَيْرِ الْمَقْطُوعِ مِنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي الْأَشْبَاهِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْحَصْكَفِيُّ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ إلَّا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ فَطَاهِرٌ وَإِنْ كَثُرَ فَتَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ قُلْت وَالْجَوَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ أَنَّ إعَادَةَ الْأُذُنِ وَثَبَاتَهَا إنَّمَا يَكُونُ غَالِبًا بِعَوْدِ الْحَيَاةِ إلَيْهَا فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهَا مِمَّا أُبِينَ مِنْ الْحَيِّ؛ لِأَنَّهَا بِعَوْدِ الْحَيَاةِ إلَيْهَا صَارَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَبِنْ وَلَوْ فَرَضْنَا شَخْصًا مَاتَ ثُمَّ أُعِيدَتْ حَيَاتُهُ مُعْجِزَةً أَوْ كَرَامَةً لَعَادَ طَاهِرًا اهـ.

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 1  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست