responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 1  صفحه : 118
فَتَجَاوُرُ جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَاءِ وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يُجَاوِرُ إلَّا قَدْرَ مَا ذَكَرْنَا لِصَلَابَةٍ فِيهَا وَلِهَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ ذَنَبُ فَأْرَةٍ يُنْزَحُ جَمِيعُ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ بِلَّةٍ فَيُجَاوِرُ أَجْزَاءِ الْمَاءِ فَيُفْسِدُهَا. اهـ.
وَهَذَا تَقْرِيرٌ حَسَنٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِعَامَّةِ كُتُبِ أَصْحَابِنَا، فَإِنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ مَسَائِلَ الْآبَارِ لَيْسَ لِلرَّأْيِ فِيهَا مَدْخَلٌ وَمَا ذَكَرَهُ خِلَافُهُ كَذَا تَعَقَّبْهُ شَارِحُ الْمُنْيَةِ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ لَا يُخَالِفُ مَا صَرَّحُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ هَذَا مَعْنًى خَفِيٌّ فِقْهِيٌّ لَا قِيَاسٌ جَلِيٌّ وَلَا يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الرَّأْيِ إلَّا الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ
وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ فَهُوَ الْمُسَمَّى بِالِاسْتِحْسَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ فَالْخَفِيُّ يُسَمَّى بِالِاسْتِحْسَانِ لَكِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ، فَإِنَّ كُلَّ قِيَاسٍ خَفِيٍّ اسْتِحْسَانٌ وَلَيْسَ كُلُّ اسْتِحْسَانٍ قِيَاسًا خَفِيًّا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ أَيْضًا لَكِنَّ الْغَالِبَ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ الِاسْتِحْسَانُ أُرِيدَ بِهِ الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ، وَهُوَ دَلِيلٌ يُقَابِلُ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ الَّذِي يَسْبِقُ إلَيْهِ الْأَفْهَامُ، وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالدَّلَائِلِ الَّتِي هِيَ حُجَّةٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا بِالْأَثَرِ كَالسَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ وَبَقَاءِ الصَّوْمِ فِي النِّسْيَانِ وَإِمَّا بِالْإِجْمَاعِ كَالِاسْتِصْنَاعِ وَإِمَّا بِالضَّرُورَةِ كَطَهَارَةِ الْحِيَاضِ وَالْآبَارِ، وَإِمَّا بِالْقِيَاسِ الْخَفِيِّ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ طَهَارَةَ الْآبَارِ بِالنَّزْحِ إنَّمَا ثَبَتَتْ بِالْقِيَاسِ الْخَفِيِّ الَّذِي ثَبَتَ بِالضَّرُورَةِ.

(قَوْلُهُ: لَا بِبَعْرَتَيْ إبِلٍ وَغَنَمٍ) أَيْ لَا يُنْزَحُ مَاءُ الْبِئْرِ بِوُقُوعِ بَعْرَتَيْ إبِلٍ وَغَنَمٍ فِيهَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَتَنَجَّسَ الْمَاءُ مُطْلَقًا لِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ كَالْإِنَاءِ وَذُكِرَ لِلِاسْتِحْسَانِ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى وَاخْتَارَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا أَنَّ آبَارَ الْفَلَوَاتِ لَيْسَ لَهَا رُءُوسٌ حَاجِزَةٌ وَالْمَوَاشِي تَبْعَرُ حَوْلَهَا وَيُلْقِيهَا الرِّيحُ فِيهَا فَجُعِلَ الْقَلِيلُ عَفْوًا لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْكَثِيرِ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذَا بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، وَالصَّحِيحِ وَالْمُنْكَسِرِ، وَالرَّوْثِ وَالْبَعْرِ وَالْخِثَى؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَشْمَلُ الْكُلَّ وَقَدْ صَرَّحَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَيُعَارِضُ مَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ أَوْ الرَّوْثَ وَالْمُفَتَّتُ مِنْ الْبَعْرِ مُفْسِدٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ قَلِيلَهُ عَفْوٌ قَالَ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَظَاهِرُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخْتَصٌّ بِآبَارِ الْفَلَوَاتِ، وَأَمَّا الْآبَارُ الَّتِي فِي الْمِصْرِ فَتُنَجَّسُ بِالْقَلِيلِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ لَهَا رُءُوسًا حَاجِزَةً فَيَقَعُ الْأَمْنُ عَنْ الْوُقُوعِ فِيهَا، وَقَدْ صُرِّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ تُكِنّ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فَقَالَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْبِئْرِ إذَا كَانَتْ فِي الْمِصْرِ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَرْقِ لِشُمُولِ الضَّرُورَةِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ.
فَاعْتَبَرَ الضَّرُورَةَ فِي الْجُمْلَةِ وَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ لِلْيَابِسِ صَلَابَةً فَلَا يَخْتَلِطُ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ بِأَجْزَاءِ الْمَاءِ فَهَذِهِ تَقْتَضِي أَنَّ الرَّطْبَ وَالْمُنْكَسِرَ وَالرَّوْثَ وَالْخِثَى يُنَجِّسُ الْمَاءَ وَظَاهِرُهَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ آبَارِ الْفَلَوَاتِ وَالْأَمْصَارِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْبَدَائِعِ، وَكَذَا ظَاهِرُهَا أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْ الْيَابِسِ الصَّحِيحِ لَا يُنَجَّسُ كَالْقَلِيلِ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكَثِيرَ يُنَجِّسُ الْإِنَاءَ وَمَاءَ الْبِئْرِ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَمَّا عَلَى الْأُولَى فَلِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي الْكَثِيرِ
وَأَمَّا عَلَى الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّهَا إذَا كَثُرَتْ تَقَعُ الْمُمَاسَّةُ بَيْنَهَا فَيَصْطَكُّ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ فَتَتَفَتَّتُ أَجْزَاؤُهَا فَتَتَنَجَّسُ إلَيْهِ أَشَارَ فِي الْبَدَائِعِ وَظَاهِرُهَا أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْإِنَاءِ فِي عَدَمِ التَّنَجُّسِ بِالْقَلِيلِ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى بَيْنَهُمَا فَرْقٌ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي الْبِئْرِ لَا فِي الْإِنَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي بِخِلَافِ بَعْرِ الشَّاةِ إذَا وَقَعَ مِنْهَا فِي الْحَلْبِ وَقْتَ الْحَلْبِ، فَإِنَّهُ تُرْمَى الْبَعْرَةَ وَيُشْرَبُ اللَّبَنُ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَمَّا عَلَى الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الْأُولَى فَلِمَكَانِ الضَّرُورَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَيَّدَهُ فِي النِّهَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَالْمِعْرَاجِ بِكَوْنِهَا رُمِيَتْ عَلَى الْفَوْرِ وَلَمْ يَبْقَ لَوْنُهَا عَلَى اللَّبَنِ وَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مُعَلَّلًا لَهُ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَحَقَّقُ فِي نَفْسِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّهَا تَبْعَرُ عِنْدَ الْحَلْبِ عَادَةً لَا فِيمَا وَرَاءَهُ وَذَلِكَ بِمَرْأَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَنَا) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ضَمِيرُ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الِاسْتِحْسَانِ انْتَهَى وَعَلَى هَذَا فَالثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ لَا الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ كَمَا حَمَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي آخِرِ عِبَارَتِهِ إذْ الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ هُوَ مِمَّا ثَبَتَ بِهِ الِاسْتِحْسَانُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا نَقَلَهُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الرَّأْيِ إلَّا الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْخَفِيَّ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَسَّمُوا الْقِيَاسَ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ الرَّابِعُ الْمُقَابِلُ لِلْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيٍّ تَأَمَّلْ.

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 1  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست