responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 1  صفحه : 84
قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهَذِهِ صِفَتُهَا فِي زَمَنِ أَبِي دَاوُد وَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ كَانَتْ هَكَذَا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ إلْقَاءَ الْعَذِرَةِ وَالْجِيَفِ وَخُرُوقِ الْحُيَّضِ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ كَانَ عَادَةً وَتَعَمُّدًا، وَهَذَا لَا يُظَنُّ بِذِمِّيٍّ وَلَا وَثَنِيٍّ فَضْلًا عَنْ مُسْلِمٍ فَلَمْ يَزَلْ مِنْ عَادَةِ النَّاسِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ تَنْزِيهُ الْمَاءِ وَصَوْنُهُ عَنْ النَّجَاسَاتِ فَكَيْفَ يُظَنُّ بِأَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَهُمْ أَعْلَى طَبَقَاتِ أَهْلِ الدِّينِ وَأَفْضَلُ جَمَاعَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمَاءُ بِبِلَادِهِمْ أَعَزُّ
وَالْحَاجَةُ إلَيْهِ
أَمَسُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا صَنِيعَهُمْ بِالْمَاءِ وَامْتِهَانُهُمْ لَهُ وَقَدْ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ تَغَوَّطَ فِي مَوَارِدِ الْمَاءِ وَمَشَارِعِهِ» فَكَيْفَ مَنْ اتَّخَذَ عُيُونَ الْمَاءِ وَمَنَابِعَهُ مَطْرَحَ الْأَنْجَاسِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ هَذِهِ الْبِئْرَ مَوْضِعُهَا فِي حُدُورٍ مِنْ الْأَرْضِ وَكَانَتْ السُّيُولُ تَمْسَحُ هَذِهِ الْأَقْذَارَ مِنْ الطُّرُقِ وَالْأَفْنِيَةِ وَتَحْمِلُهَا فَتُلْقِيهَا فِيهِ، وَكَانَ الْمَاءُ لِكَثْرَتِهِ وَغَزَارَتِهِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَكَانَ جَوَابُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَهُمْ إنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ الَّذِي صِفَتُهُ هَذِهِ فِي الْكَثْرَةِ وَالْغَزَارَةِ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ إنَّمَا وَقَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَالْجَوَابُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْهُ اهـ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْأَقْطَعِ لَا يُظَنُّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرٍ هَذِهِ صِفَتُهَا مَعَ نَزَاهَتِهِ وَإِيثَارِهِ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ وَنَهْيِهِ عَنْ الِامْتِخَاطِ فِي الْمَاءِ، فَدَلَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يُفْعَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَشَكَّ الْمُسْلِمُونَ فِي أَمْرِهَا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ النَّزْحِ اهـ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَنَّهُ لَا يَبْقَى نَجِسًا بَعْدَ إخْرَاجِ النَّجَاسَةِ مِنْهُ بِالنَّزْحِ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى حَالِ كَوْنِ النَّجَاسَةِ فِيهَا، وَإِنَّمَا سَأَلُوا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ حِيطَانَ الْبِئْرِ لَمْ تُغْسَلْ وَطِينُهَا لَمْ يُخْرَجْ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ذَلِكَ يُعْفَى لِلضَّرُورَةِ مِثْلُ قَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ، فَإِنْ قِيلَ الْعِبْرَةُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَهُوَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَهُوَ بِئْرُ بُضَاعَةَ فَكَيْفَ خَصَّ هَذَا الْعُمُومَ بِوُرُودِهِ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ قُلْنَا إنَّمَا لَا يُخَصُّ عُمُومُ اللَّفْظِ بِسَبَبِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُخَصِّصُ مِثْلَهُ فِي الْقُوَّةِ، وَهَاهُنَا قَدْ وَرَدَ مَا يُخَصِّصُهُ، وَهُوَ يُسَاوِيهِ فِي الْقُوَّةِ، وَهُوَ حَدِيثُ الْمُسْتَيْقِظِ، وَحَدِيثُ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ» ، وَإِنَّمَا خَصَّصْنَاهُ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ فَكَانَ مِنْ بَابِ الْحَمْلِ لِدَفْعِ التَّنَاقُضِ لَا مِنْ بَابِ التَّخْصِيصِ بِالسَّبَبِ؛ وَلِأَنَّا مَا خَصَّصْنَاهُ بِبِئْرِ بُضَاعَةَ بَلْ عَدَّيْنَا حُكْمَهُ مِنْهَا إلَى مَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي، وَتَرْكُ عُمُومِ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِدَفْعِ التَّنَاقُضِ وَاجِبٌ كَذَا ذَكَرَهُ السِّرَاجُ الْهِنْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمِعْرَاجِ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ تَنَجُّسُ الْمَاءِ الدَّائِمِ فِي الْجُمْلَةِ لَا كُلُّ مَاءٍ إذْ لَيْسَتْ اللَّامُ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِتَغَيُّرِهِ بِالنَّجَاسَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَاءِ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَعَدَمُ تَنَجُّسِ الْمَاءِ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ بِحَسَبِ مَا هُوَ الْمُرَادُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا تَعَارَضَ بَيْنَ مَفْهُومَيْ هَاتَيْنِ الْقَضِيَّتَيْنِ، وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُسْتَيْقِظِ مِنْ مَنَامِهِ، فَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْيَدِ نَجِسَةً بَلْ ذَلِكَ تَعْلِيلٌ مِنَّا لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ أَعْنِي تَعْلِيلَهُ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ عَيْنًا بِتَقْدِيرِ نَجَاسَتِهِمَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ أَعَمَّ مِنْ النَّجَاسَةِ وَالْكَرَاهَةِ فَنَقُولُ: نَهْيٌ لِتَنْجِيسِ الْمَاءِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا مُتَنَجِّسَةً بِمَا يُغَيِّرُ أَوْ لِلْكَرَاهَةِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا بِمَا لَا يُغَيَّرُ وَأَيْنَ هُوَ مِنْ ذَلِكَ الصَّرِيحِ الصَّحِيحِ لَكِنْ يُمْكِنُ إثْبَاتُ الْمُعَارِضِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ» الْحَدِيثُ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي نَجَاسَةَ الْمَاءِ وَلَا يُغَيَّرُ بِالْوُلُوغِ فَتَعَيَّنَ ذَلِكَ الْحَمْلُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ اللَّامَ فِي حَدِيثِ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ» لِلْعُمُومِ حَتَّى حَرُمَ الْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ جَمِيعًا فَاخْتَصَّتْ الْقَضِيَّةُ الثَّانِيَةُ بِالْقَلِيلِ بِدَلِيلٍ يُوجِبُ تَخْصِيصَهَا حَتَّى لَمْ يَحْرُمْ الِاغْتِسَالُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ الْعِبْرَةُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ إلَخْ) مَنْشَأُ السُّؤَالِ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ قُلْنَا هَذَا وَرَدَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاخْتَصَّتْ الْقَضِيَّةُ الثَّانِيَةُ بِالْقَلِيلِ) الْمُرَادُ بِالْقَضِيَّةِ الثَّانِيَةِ تَتِمَّةُ حَدِيثِ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» ، وَهِيَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَا يَغْتَسِلَنَّ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ» كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 1  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست