responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العناية شرح الهداية نویسنده : البابرتي    جلد : 1  صفحه : 42
وَلِأَنَّ خُرُوجَ النَّجَاسَةِ مُؤَثِّرٌ فِي زَوَالِ الطَّهَارَةِ، وَهَذَا الْقَدْرُ فِي الْأَصْلِ مَعْقُولٌ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرُ مَعْقُولٍ لَكِنَّهُ يَتَعَدَّى ضَرُورَةَ تَعَدِّي الْأَوَّلِ، غَيْرَ أَنَّ الْخُرُوجَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالسَّيَلَانِ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ، وَبِمِلْءِ الْفَمِ فِي الْقَيْءِ لِأَنَّ بِزَوَالِ الْقِشْرَةِ تَظْهَرُ النَّجَاسَةُ فِي مَحَلِّهَا فَتَكُونُ بَادِيَةً لَا خَارِجَةً، بِخِلَافِ السَّبِيلَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ إبْطَالُ الْعَمَلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الْمُفْضِي إلَى التَّنَاقُضِ الْمُسْتَحِيلِ عَلَى الشَّرْعِ. فَإِنْ قِيلَ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالِانْصِرَافِ لِإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ أَصَابَتْ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ مِنْ الرُّعَافِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْبِنَاءِ يَأْبَاهُ، فَإِنَّ الْبِنَاءَ إذْ ذَاكَ غَيْرُ جَائِزٍ بِالِاتِّفَاقِ.
وَالثَّانِي الْأَمْرُ بِالْوُضُوءِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَإِرَادَةُ الْوُضُوءِ اللُّغَوِيُّ مَدْفُوعَةٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. لَا يُقَالُ: وَقَعَ فِي الشَّرْعِ ذَلِكَ «إذْ غَسَلَ فَمَه بَعْدَ الْقَيْءِ فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَتَوَضَّأُ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَكَذَا الْوُضُوءُ مِنْ الْقَيْءِ» ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ قَائِمَةٍ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْمُشَاكَلَةِ لِقَوْلِ السَّائِلِ أَلَا تَتَوَضَّأُ وُضُوءَك لِلصَّلَاةِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ وَأَدْنَاهُ الْإِبَاحَةُ، وَلَا إبَاحَةَ لِلْبِنَاءِ بَعْدَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ إلَّا بَعْدَ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِالِاتِّفَاقِ. لَا يُقَالُ: الْبِنَاءُ الْمَعْطُوفُ عَلَى الِانْصِرَافِ غَيْرُ وَاجِبٍ بِالِاتِّفَاقِ فَكَذَا مَا عُطِفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِرَانَ فِي النَّظْمِ لَا يُوجِبُ الْقِرَانَ فِي الْحُكْمِ، أَلَا يُرَى إلَى قَوْله تَعَالَى {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ} [سبأ: 15] فَإِنَّ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ لِلْإِبَاحَةِ وَالثَّانِي لِلْوُجُوبِ، وَإذَا جَازَ ذَلِكَ فَعَكْسُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ اتِّبَاعُ الضَّعِيفِ لِلْقَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ خُرُوجَ النَّجَاسَةِ) إثْبَاتُ صِفَةِ النَّجَاسَةِ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ، وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظَهَرَ عَنْ حِذْقٍ عَظِيمٍ مَعَ وَجَازَةِ اللَّفْظِ وَبَيَانُهُ عَلَى وَجْهٍ وَاضِحٍ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَشُرُوطِ الْقِيَاسِ.
فَلَا عَلَيْنَا أَنْ نَذْكُرَ ذَلِكَ إجْمَالًا فَنَقُولُ: الْقِيَاسُ إبَانَةُ مِثْلِ حُكْمِ أَحَدِ الْمَذْكُورِينَ بِمِثْلِ عِلَّتِهِ فِي الْآخَرِ فَالْمَذْكُورُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ وَالثَّانِي هُوَ الْفَرْعُ.
وَشُرُوطُهُ أَلَّا يَكُونَ الْأَصْلُ مَخْصُوصًا بِحُكْمِهِ بِنَصٍّ آخَرَ كَشَهَادَةِ خُزَيْمَةَ، وَأَلَّا يَكُونَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ كَبَقَاءِ الصَّوْمِ مَعَ الْأَكْلِ نَاسِيًا، وَأَنْ يَتَعَدَّى الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ الثَّابِتَ بِالنَّصِّ بِعَيْنِهِ إلَى فَرْعٍ هُوَ نَظِيرُهُ وَلَا نَصَّ فِيهِ. وَأَمَّا مَعْرِفَةُ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ وَمَا يُحْتَرَزُ عَنْهُ بِكُلِّ قَيْدٍ مِنْ الْقُيُودِ فَمَوْضِعُهُ أُصُولُ الْفِقْهِ إذَا عُرِفَ هَذَا فَنَقُولُ: فَأَمَّا الْأَصْلُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ. أَعْنِي الْغَائِطَ، وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنًى مَعْقُولٍ، وَهُوَ أَنَّ لِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ أَثَرًا فِي زَوَالِ الطَّهَارَةِ عَنْ الْمَخْرَجِ لِاتِّصَافِهِ بِضِدِّ الطَّهَارَةِ وَهُوَ التَّلَوُّثُ بِالنَّجَاسَةِ، وَعَنْ سَائِرِ الْبَدَنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الِاتِّصَافَ بِالْحَدَثِ لَا يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ، وَعَلَى مَعْنًى غَيْرِ مَعْقُولٍ، وَهُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ.
وَأَمَّا الْفَرْعُ فِيهِ فَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عُلَمَاءَنَا اعْتَبَرُوا فَاسْتَنْبَطُوا أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ كَانَ حَدَثًا لِكَوْنِهِ نَجَسًا خَارِجًا مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ، وَهُوَ نَصٌّ مَعْلُولٌ بِذَلِكَ الْوَصْفِ لِظُهُورِ أَثَرِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ الْمُعَلَّلِ بِهِ وَهُوَ انْتِقَاضُ الطَّهَارَةِ بِخُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ

نام کتاب : العناية شرح الهداية نویسنده : البابرتي    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست