responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 1  صفحه : 206
عَشْرِ طَنَافِسَ أَوْ أَكْثَرَ

وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الْحَصِيرِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلُ النَّاسِ فِي مَسَاجِدِهِمْ، بِخِلَافِ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ مَنْ لَا يُعْتَدَّ بِقَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْحَصِيرِ؛ لِأَنَّ «سَائِلًا سَأَلَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - هَلْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْحَصِيرِ فَإِنِّي سَمِعْتُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى - {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: 8] فَقَالَتْ: لَا» وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ شَاذٌّ فَقَدْ اُشْتُهِرَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ وَهُوَ اسْمٌ لِقِطْعَةِ حَصِيرٍ، وَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: 8] أَيْ مُحْتَبَسًا، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّلَاةُ عَلَى مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى مَا لَمْ تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ، فَلِهَذَا اخْتَارُوا الْحَشِيشَ وَالْحَصِيرَ عَلَى الْبِسَاطِ.

قَالَ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى حَمَّامٍ أَوْ قَبْرٍ أَوْ مَخْرَجٍ) لِأَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ يَجِبُ تَعْظِيمُهَا وَالْمَسَاجِدُ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36] وَمَعْنَى التَّعْظِيمِ لَا يَحْصُلُ إذَا كَانَتْ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَخْلُو عَنْ الْأَقْذَارِ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: هَذَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ، فَأَمَّا فِي مَسْجِدِ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ قِبْلَتُهُ إلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسَاجِدِ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ وَلِلنَّاسِ فِيهِ بَلْوَى، بِخِلَافِ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ صَلَّى فِي مِثْلِ هَذَا الْمَسْجِدِ جَازَتْ صَلَاتُهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ.

وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَوْ صَلَّى وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ مَغْصُوبٌ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَتَأَدَّى بِمَا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالنَّهْيُ عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَعْنًى فِي الصَّلَاةِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَهَا، وَأَصْلُ النَّهْيِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ الْمَجْزَرَةُ وَالْمَزْبَلَةُ وَالْمَقْبَرَةُ وَالْحَمَّامُ وَقَوَارِعُ الطَّرِيقِ وَمَعَاطِنُ الْإِبِلِ وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ» فَأَمَّا الْمَجْزَرَةُ وَالْمَزْبَلَةُ فَمَوْضِعُ النَّجَاسَاتِ لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا لِانْعِدَامِ شَرْطِهَا وَهُوَ الطَّهَارَةُ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانِ، وَأَمَّا الْمَقْبَرَةُ فَقِيلَ إنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ فَلَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي بَعْدِي مَسْجِدًا» وَرَأَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَجُلًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إلَى قَبْرٍ فَنَادَاهُ الْقَبْرَ الْقَبْرَ فَظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ يَقُولُ: الْقَمَرَ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَى السَّمَاءِ فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى بَيَّنَهُ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَتُكْرَهُ، وَقِيلَ مَعْنَى النَّهْيِ أَنَّ الْمَقَابِرَ لَا تَخْلُو عَنْ النَّجَاسَاتِ، فَالْجُهَّالُ يَسْتَتِرُونَ بِمَا يُشْرِفُ مِنْ الْقُبُورِ فَيَبُولُونَ وَيَتَغَوَّطُونَ خَلْفَهُ، فَعَلَى هَذَا

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 1  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست