responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 126
وَطَهَارَةُ الْبُقْعَةِ لِلصَّلَاةِ وَاجِبَةٌ وَكَذَلِكَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِيهِمَا وَاجِبٌ وُجُوبَ الْفَرَائِضِ وَقِيلَ وُجُوبَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَيُنْهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَمَحَجَّةِ الطَّرِيقِ وَظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَالْحَمَّامِ حَيْثُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِنَحْوِ تَبَرُّدٍ أَوْ تَدَفٍّ، وَأَمَّا طَرْحُ الْمَاءِ فَإِنْ كَانَ لِسَبَبٍ كَأَنْ يَكُونَ شَرِبَ مِنْهُ مَا عَادَتُهُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَاتِ فَلَا إشْكَالَ فِي الْجَوَازِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَبَثًا فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْقُوفًا أَوْ مَمْلُوكًا وَهُوَ فِي مَحَلٍّ لِلْمَاءِ فِيهِ ثَمَنٌ عَظِيمٌ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ هَكَذَا يَنْبَغِي.
ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَقْلِيلِ الْمَاءِ فِي الطَّهَارَةِ بِقَوْلِهِ: (وَقَدْ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُدٍّ» وَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوُضُوءِ كَمَا قَرَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إلَّا عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ الْعَامَّةُ مِنْ دُخُولِهِ فِي الْوُضُوءِ، وَلَعَلَّ هَذَا مُلْحَظٌ مِنْ قَدْرِ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (وَهُوَ وَزْنُ رِطْلٍ وَثُلُثٍ) وَالرِّطْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى الْأَجْوَدِ اثْنَا عَشَرَ أُوقِيَّةً، وَالْأُوقِيَّةُ عَشَرَةُ دَرَاهِمِ وَقِيلَ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةً مِنْ مُتَوَسِّطِ الشَّعِيرِ الْمَقْطُوعِ الطَّرَفَيْنِ. (وَتَطَهَّرَ) أَيْ غَسَلَ جَمِيعَ جَسَدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ غَسْلِ مَا هُنَاكَ مِنْ الْأَذَى (بِصَاعٍ وَهُوَ) أَيْ الصَّاعُ بِمَعْنَى وَزْنِهِ (أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ، فَيَكُونُ الصَّاعُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، وَهَذَا كُلُّهُ مِصْدَاقُ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ» فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِحْبَابِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْقَدْرِ الْكَافِي لَا لِلتَّحْدِيدِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّيُوخِ، وَسَيَنُصُّ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ الْقَصْدُ مِنْهُ التَّحْدِيدُ بِقَوْلِهِ: وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ فِي أَحْكَامِ ذَلِكَ سَوَاءٌ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثِ «تَوَضَّأَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمُدٍّ» ، أَنَّ الْمُرَادَ تَوَضَّأَ مِنْ وَزْنِ مُدٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مِنْ كَيْلِ مُدٍّ لَا بِوَزْنِ مُدٍّ.
قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ: بِمِقْدَارِ مَا يَبْلُغُهُ وَزْنُ مُدٍّ مِنْ الطَّعَامِ لَا بِمِقْدَارِ وَزْنِ مُدٍّ مِنْ الْمَاءِ، إذْ مَا يَبْلُغُهُ وَزْنُ مُدٍّ مِنْ الطَّعَامِ، فَإِذَا وُزِنَ مُدٌّ مِنْ الطَّعَامِ وَوُضِعَ فِي آنِيَةٍ فَإِنَّهُ يَشْغَلُ مِنْهَا أَكْثَرَ مَا يَشْغَلُهُ وَزْنُ الْمُدِّ مِنْ الْمَاءِ إذَا وُضِعَ فِي الْآنِيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَدْرُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي يَبْلُغُ مِنْ الْآنِيَةِ مَبْلَغَ الْمُدِّ مِنْ الطَّعَامِ، وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الصَّاعِ.
الثَّانِي: وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي بَعْضِ الشُّيُوخِ فِي صُورَةِ وُضُوئِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِّ هَلْ هُوَ الْوُضُوءُ الَّذِي اقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى مَرَّةٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ؟ قَالَ الْجُزُولِيُّ: لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصَّا، وَهَذَا لَا يُنَافِيَ طَلَبَ الِاقْتِصَارِ فِي الْمَاءِ سَوَاءٌ أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ مِنْ شَفْعِ غُسْلِهِ وَتَثْلِيثِهِ أَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَرَّةٍ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّطْهِيرُ وَمِنْ أَنْوَاعِ الْمِيَاهِ، وَمَا لَا يَصِحُّ بِهِ وَهُوَ الْمُتَغَيِّرُ بِالْمُفَارِقِ غَالِبًا، وَمِنْ بَيَانِ الْقَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ مِنْهُ، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ وَهِيَ النَّجَاسَةُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهَا وَهِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ بِقَوْلِهِ: (وَطَهَارَةُ الْبُقْعَةِ) وَهِيَ مَكَانُ الْمُصَلِّي (لِلصَّلَاةِ) وَلَوْ نَافِلَةً (وَاجِبَةٌ) وَفَسَّرْنَا الْبُقْعَةَ بِمَكَانِ الْمُصَلِّي الَّذِي تَمَسُّهُ أَعْضَاؤُهُ لِأَنَّ الْمُومِئَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ طَهَارَةُ مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ لَا طَهَارَةُ مَا يُومِئُ إلَيْهِ وَإِنْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ حَسْرَ عِمَامَتِهِ حَالَ الْإِيمَاءِ، لِأَنَّ الْحَائِلَ مَانِعٌ مِنْ فَرْضٍ مُجْمَعٍ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ، بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّ أَمْرَهَا خَفِيفٌ، وَأَيْضًا أَسْقَطُوا عَنْ الْمُومِئِ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَكَيْفَ يَشْتَرِطُونَ عَلَيْهِ طَهَارَةً أَزْيَدَ مِنْ مَحَلِّ قَدَمَيْهِ؟ (وَكَذَلِكَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ) أَيْ مَحْمُولُ الْمُصَلِّي وَلَوْ طَرَفَ عِمَامَتِهِ الْمُلْقَى بِالْأَرْضِ، سَوَاءٌ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَلَمَّا كَانَ الْمُصَنِّفُ كَثِيرًا مَا يُطْلِقُ الْوَاجِبَ عَلَى الطَّلَبِ الْمُتَأَكَّدِ قَالَ: (فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْوُجُوبُ (فِيهِمَا) أَيْ الْبُقْعَةِ وَالثَّوْبِ (وَاجِبٌ) مِثْلُ (وُجُوبِ الْفَرَائِضِ) عَلَى الْمُكَلَّفِ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَيُطْلَبُ مِنْ الصَّبِيِّ، لِأَنَّ الطَّلَبَ بِالشُّرُوطِ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ يَسْتَوِي فِي الطَّلَبِ بِهِ الْبَالِغُ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالذِّكْرِ لَا مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ فِي بُقْعَةٍ مُتَنَجِّسَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيُعِيدُهَا أَبَدًا مَعَ الْعَمْدِ وَلَوْ جَاهِلًا وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ، وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَدَّرَ بِهِ خَلِيلٌ وَصَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَصَّارِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ السَّلَامِ وَهُوَ كَرِشُ الْبَعِيرِ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقْطَعْ الصَّلَاةَ لِإِمْكَانِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ بِهِ وَكَانَ مِنْ مُزَكًّى أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ الْإِشْكَالَ.
(وَقِيلَ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ فِيهِمَا (وُجُوبُ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ) أَيْ الطَّلَبُ الْمُتَأَكِّدُ لَا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، وَيَكُونُ عَبَّرَ بِالْوُجُوبِ مَجَازًا لِاشْتِرَاكِ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ، وَهَذَا الْقَوْلُ شَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَفْظُهُ: رَفْعُ

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست