responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 31
وَيَسْعَدُونَ بِاعْتِقَادِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ.
وَقَدْ جَاءَ أَنْ يُؤْمَرُوا بِالصَّلَاةِ: لِسَبْعِ سِنِينَ، وَيُضْرَبُوا عَلَيْهَا لِعَشْرٍ، وَيُفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَفْضَلُ مِنْ الْعَقْلِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّهُ تَعَالَى يَتَّصِفُ بِهِ وَلَا يَتَّصِفُ بِالْعَقْلِ.
(وَيَسْعَدُونَ) أَيْضًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (بِاعْتِقَادِهِ) أَيْ بِالْجَزْمِ بِهِ كَاعْتِقَادِ وُجُودِ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا وَاتِّصَافِهِ بِسَائِرِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ وَتَنَزُّهِهِ عَنْ أَوْصَافِ النُّقْصَانِ وَصِدْقِ الرُّسُلِ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرُوا بِهِ.
(وَالْعَمَلِ بِهِ) بِسَائِرِ الْجَوَارِحِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا الْعَمَلُ، وَالْمُرَادُ الْعَمَلُ عَلَى وَجْهِ الْإِخْلَاصِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ السَّعَادَةُ، وَالسَّعَادَةُ هِيَ الْمَوْتُ عَلَى الْإِيمَانِ، فَهِيَ الْمَنْفَعَةُ اللَّاحِقَةُ فِي الْعُقْبَى، وَهُوَ دُخُولُ الْجَنَّةِ، وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِلْإِنْسَانِ، فَيَنْبَغِي لَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْخَوْفِ وَعَدُّ نَفْسِهِ عَدَمًا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا الْخَاتِمَةُ، وَالشَّقَاوَةُ الْمَوْتُ عَلَى الْكُفْرِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ فَهِيَ الْمَضَرَّةُ اللَّاحِقَةُ فِي الْعُقْبَى وَهِيَ دُخُولُ النَّارِ وَلَوْ انْقَضَى عُمُرُ الْإِنْسَانِ فِي عِبَادَةٍ، وَحَذَفَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لِدَلَالَةِ الْأُولَى فَهِيَ مُقَدَّرَةٌ فِيهِمَا، وَقَيَّدَ النَّفْعَ بِالْحِفْظِ، وَالشَّرَفَ بِالْعِلْمِ، وَالسَّعَادَةَ بِالِاعْتِقَادِ وَالْعَمَلِ، لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بِحِفْظِهِ، وَالشَّرَفَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْعَمَلِ الَّذِي هُوَ امْتِثَالُ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابُ النَّوَاهِي إذْ بِهِ يَحْصُلُ شَرَفُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِالْجَنَّةِ، وَأَمَّا الْعِلْمُ بِلَا عَمَلٍ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَنَخْلَةٍ بِلَا ثَمَرٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِلْمَ بِكِتَابِ الرِّسَالَةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالْجُمْلَةِ الْمُخْتَصَرَةِ، وَالْعَمَلَ بِمَا فِيهَا يَحْصُلُ لِلْعَامِلِ غَايَةُ الشَّرَفِ وَالسِّيَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالسَّعَادَةُ فِي الْآخِرَةِ، لِأَنَّ الْعِلْمَ أَفْضَلُ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ الْإِنْسَانُ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَالرُّسُلَ وَالْمُلُوكَ تُخْضَعُ لِلْعَالِمِ، وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَنْ حَفِظَ الرِّسَالَةَ أَجْزَأَتْهُ عَنْ غَيْرِهَا وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهَا كَانَتْ لَهُ مِفْتَاحًا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَصَدَ بِعِلْمِهِ وَبِالْعَمَلِ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ قَصَدَ بِطَلَبِهِ الْعِلْمَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَلَيْسَ أَشَدُّ عَذَابًا مِنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ: لَأَنْ آكُلَ الدُّنْيَا بِالدُّفِّ وَالْمِزْمَارِ خَيْرٌ لِي مِنْ أَنْ آكُلَهَا بِالدِّينِ، وَاعْلَمْ أَنَّ حَرْفَ الْمُضَارَعَةِ مِنْ الْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ مَفْتُوحٌ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ ضَمَّهُ مِنْ يَسْعَدُونَ لَكِنْ لَمْ تَقَعْ بِهِ رِوَايَةٌ.
(وَ) الْحَدِيثُ الثَّالِثُ مَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ: وَأَوْلَى مَا عُنِيَ بِهِ النَّاصِحُونَ مَا (قَدْ جَاءَ) عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَنْ يُؤْمَرُوا) أَيْ الْأَوْلَادُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ (بِالصَّلَاةِ) الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْبَالِغِينَ (لِسَبْعِ سِنِينَ) أَيْ لِإِتْمَامِ السَّبْعِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، وَقَالَ الْحَطَّابُ: الْمَفْهُومُ مِنْ النُّصُوصِ يُؤْمَرُونَ بِالدُّخُولِ فِي السَّبْعِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا بَعْدَ إكْمَالِهَا وَاَلَّذِي يَأْمُرُهُمْ الْوَلِيُّ لِأَنَّ الْخِطَابَ لَهُ، وَأَمْرُ الشَّارِعِ لِلْوَلِيِّ أَمْرُ نَدْبٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ الْخِطَابُ لِلصَّبِيِّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَالْخِطَابُ مِنْ الشَّارِعِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُكَلَّفِينَ، وَعَلَى مَا قُلْنَا: إنَّهُ الْمَشْهُورُ لَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ أَمْرَ الصَّبِيِّ لَا إثْمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ مَنْدُوبًا، وَالتَّارِكُ لَهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلُ ابْنِ بَطَّالٍ: أَمْرُ الشَّارِعِ لِلْوَلِيِّ أَمْرُ إيجَابٍ عَلَى الْوَلِيِّ، وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْمُرْ الْوَلِيُّ الْأَوْلَادَ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ أَمْرُهُمْ بِالْكَلَامِ ابْتِدَاءً ثُمَّ بِالتَّهْدِيدِ وَالتَّخَوُّفِ بِالضَّرْبِ لَا بِالشَّتْمِ.
(وَ) إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ امْتِثَالٌ بِالْكَلَامِ وَلَا بِالْإِيعَادِ بِالضَّرْبِ يَجُوزُ أَنْ (يُضْرَبُوا عَلَيْهَا) بِالْفِعْلِ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَذَلِكَ عِنْدَ الْبُلُوغِ (لِعَشْرٍ) أَيْ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(وَ) يُنْدَبُ أَيْضًا عِنْدَ دُخُولِهِمْ فِي الْعَشْرِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ الْمُقَدَّمَةِ هُنَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَطْلُبُهَا عِنْدَ بُلُوغِ السَّبْعِ أَنْ (يُفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ إلَّا عِنْدَ الْعَشْرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ كَمَا قَدَّمْنَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَتَحْصُلُ التَّفْرِقَةُ بِنَوْمِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي ثَوْبِهِ وَإِنْ نَامَ الْجَمِيعُ تَحْتَ لِحَافٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْمُتَلَاصِقُ، كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَتَلَاصَقُ رَجُلَانِ وَلَا امْرَأَتَانِ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ الْجَوَازُ وَإِذَا كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثَوْبُهُ، وَإِذَا كَانَ يَجُوزُ لِلْبَالِغِينَ التَّلَاصُقُ تَحْتَ اللِّحَافِ مَعَ سَتْرِ كُلٍّ بِثَوْبِهِ فَيَجُوزُ لِغَيْرِ الْبَالِغِينَ بِالْأَوْلَى، كَمَا تُنْدَبُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَبَعْضِهِمْ يَنْدُبُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آبَائِهِمْ، وَحُكْمُهُ نَدْبُهَا مَخَافَةَ تَمْرِينِهِمْ عَلَى الِالْتِذَاذِ بِبَعْضِهِمْ فَيَرْتَكِبُونَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِسَابِقِ الْأُلْفَةِ، وَالْمَضَاجِعُ جَمْعُ مَضْجَعٍ وَهُوَ مَحَلُّ النَّوْمِ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ خَبَرُ أَبِي دَاوُد: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفُرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» .
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِطَابَ مِنْ الشَّرْعِ لِلْوَلِيِّ لَا لِلصَّبِيِّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِخِطَابِ الصَّبِيِّ مِنْ الشَّارِعِ، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ أَمْرٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ.
تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: الْحَدِيثُ قَاصِرٌ عَلَى الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الطَّهَارَةُ وَالصَّوْمُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمَأْمُورَاتِ فَلَمْ يَأْتِ بِالْأَمْرِ بِهَا خَبَرٌ، وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِهَا لِأَنَّهَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا وَوُجُوبِهَا أَيْضًا، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يُنْدَبُ بَلْ لَا

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست