responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 398
مِنْ الْأَعْلَاجِ.

وَلَا يُقْتَلُ أَحَدٌ بَعْدَ أَمَانٍ وَلَا يُخْفَرُ لَهُمْ بِعَهْدٍ وَلَا يُقْتَلُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَيُجْتَنَبُ قَتْلُ الرُّهْبَانِ وَالْأَحْبَارِ إلَّا أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQثُغُورُ الْمُسْلِمِينَ وَحُمِيَتْ أَطْرَافُهُمْ.
قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إذَا حُمِيَتْ أَطْرَافُ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَسُدَّتْ ثُغُورُهُمْ سَقَطَ فَرْضُهُ عَنْ سَائِرِهِمْ، نَقَلَهُ الثُّنَائِيُّ، وَلَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
الرَّابِعُ: حُكْمُ الْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ أَنَّهُ فِي حَالِ عَدَمِ جَوَازِهِ كَبِيرَةٌ تَجِبُ مِنْهُ التَّوْبَةُ فَوْرًا كَسَائِرِ الْكَبَائِرِ، وَتَوْبَتُهُ كَغَيْرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ إلَّا بِتَكَرُّرِ جِهَادٍ مَعَ عَدَمِ فِرَارٍ، وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مَنْقُولٍ، وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِكَلَامِ غَيْرِهِ لِحَمْلِ قَوْلِهِ: لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ عَلَى مَعْنَى لَا تَظْهَرُ بِحَيْثُ تُعْلَمُ تَوْبَتُهُ إلَّا بِتَكَرُّرِ جِهَادٍ مَعَ ثَبَاتِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَمْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ابْنِ عَرَفَةَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ التَّقَوُّلُ، وَإِنْ كَانَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ.
الْخَامِسُ: إذَا وَقَعَ الْفِرَارُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ تَعَلَّقَ الْإِثْمُ بِالْجَمِيعِ إذَا وَقَعَ مِنْ جَمِيعِهِمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِلَّا اخْتَصَّتْ الْحُرْمَةُ بِمَنْ فَرَّ مَعَ بَقَاءِ الْعَدُوِّ الَّذِي يَحْرُمُ مَعَهُ الْفِرَارُ لَا مَنْ فَرَّ بَعْدَ النَّقْصِ عَنْهُ.

ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهَا أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ بَيَانِ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ: (وَ) يَجِبُ أَنْ (يُقَاتَلَ الْعَدُوُّ مَعَ كُلِّ) إمَامٍ (بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ الْوُلَاةِ) قَالَ خَلِيلٌ: الْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَلَوْ مَعَ وَالٍ جَائِرٍ، وَالْبَارُّ هُوَ الْعَادِلُ وَالْفَاجِرُ هُوَ الْجَائِرُ الَّذِي لَا يَضَعُ الْخُمُسَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَا يَفِي بِعَهْدٍ؛ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، إعَانَتِهِمْ عَلَى جَوْرِهِمْ وَتَرْكِ الْغَزْوِ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ وَهْنًا لِلدِّينِ، وَالْوُلَاةُ جَمْعُ وَالٍ وَالْمُرَادُ بِهِ أَمِيرُ الْجَيْشِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْجِهَادِ مَعَ الْجَائِرِ خَبَرُ: «الْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إلَى آخِرِ عِصَابَةٍ تُقَاتِلُ الدَّجَّالَ لَا يَنْقُضُهُ جَوْرُ مَنْ جَارَ وَلَا غَدْرُ مَنْ غَدَرَ» وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حِينَ أَدْرَكُوا مَا حَدَثَ مِنْ الظُّلْمِ: اُغْزُ مَعَهُمْ عَلَى حَظِّك مِنْ الْآخِرَةِ، وَلَا تَفْعَلْ مَا يَفْعَلُونَ مِنْ فَسَادٍ وَخِيَانَةٍ وَغُلُولٍ.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ تَفْسِيرِنَا لِلْجَائِرِ شُمُولُهُ لِمَنْ كَانَ جَوْرُهُ بِالْغَدْرِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقَاتِلُ مَعَ الْإِمَامِ الْغَادِرِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَاَلَّذِي لَا يَعْدِلُ فِي الْخُمُسِ، وَدَلِيلُ الْمَشْهُورِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْجِهَادِ الْوَاجِبِ، وَلَوْ كِفَايَةً، وَأَمَّا الْمَنْدُوبُ عَلَى الْقَوْلِ بِنَدْبِهِ بَعْدَ حِمَايَةِ أَطْرَافِ الْبِلَادِ وَسَدِّ الثُّغُورِ فَلَا وَجْهَ لِلْقِتَالِ مَعَ الْجَائِرِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ، وَمَنْ مَعَهُ قِتَالُ مَنْ أَبَى الْإِسْلَامَ وَالْجِزْيَةَ، وَكَانَ مِنْ الْكُفَّارِ مَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَمَنْ لَا يَجُوزُ، شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ مَنْ أُسِرَ) أَيْ أُخِذَ وَصَارَ فِي أَيْدِينَا (مِنْ الْأَعْلَاجِ) جَمْعُ عِلْجٍ، وَهُوَ الرَّجُلُ الْأَعْجَمِيُّ الْكَافِرُ، وَمَحَلُّ جَوَازِ قَتْلِهِ إذَا كَانَ فِي قَتْلِهِ مَصْلَحَةٌ.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَإِنْ أَسَرُوا عَجَمًا أَوْ عَرَبًا فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ وَالْمُفَادَاةِ وَالْمَنِّ بِنَظَرِ الْإِمَامِ وَذَلِكَ قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ، فَيَنْظُرُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَنْظُرُ لِلْهَوَى، فَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ مِنْ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَالْفُرُوسِيَّةِ وَالنِّكَايَةِ لِلْمُسْلِمِينَ قَتَلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَأُمِنَتْ غَائِلَتُهُ، وَلَهُ قِيمَةٌ اُسْتُرِقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَبِلَ فِيهِ الْفِدَاءَ إنْ بَذَلَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ، وَلَا فِيهِ قُدْرَةٌ عَلَى أَدَاءِ جِزْيَةٍ كَالْأَعْمَى وَالزَّمِنِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي أَعْتَقَهُ حَيْثُ لَا رَأْيَ، وَلَا تَدْبِيرَ، وَاَلَّذِي يُقْتَلُ يُحْسَبُ مِنْ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ، وَاَلَّذِي يُمَنُّ عَلَيْهِ وَيُخَلَّى سَبِيلُهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ، وَكَذَا مَا فُدِيَ، وَكَانَ فِدَاؤُهُ بِأُسَارَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِي كَانُوا عِنْدَهُمْ.
قَالَ الْحَطَّابُ: وَمَنْ يُمَنُّ عَلَيْهِ أَوْ يُفْدَى أَوْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْخُمُسِ بِنَاءً عَلَى مِلْكِ الْغَنِيمَةِ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهَا، وَالْقَتْلُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالِاسْتِرْقَاقُ رَاجِعٌ إلَى جُمْلَةِ الْغَانِمِينَ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الَّذِي يُمَنُّ عَلَيْهِ أَوْ يُفْدَى أَوْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِيمَا يُخَمَّسُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، وَلَكِنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ الَّذِي لِآلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ لِلْمَصَالِحِ، وَخَالَفَ ابْنُ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ وَقَالَ: الَّذِي يُمَنُّ عَلَيْهِ، وَمَنْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ لَا تُجْعَلُ قِيمَتُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الْخُمُسِ، وَأَمَّا الْفِدَاءُ الْمَأْخُوذُ فَيُجْعَلُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، وَالنَّظَرُ بَيْنَ الْوُجُوهِ الْخَمْسَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَسْرَى الْمُقَاتِلَةِ. وَأَمَّا الذَّرَارِيُّ وَالنِّسَاءُ فَلَيْسَ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ أَوْ الْمُفَادَاةُ، وَلَا فَرْقَ فِي كُلِّ مَا تَقَدَّمَ بَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا) يَجُوزُ أَنْ (يُقْتَلَ أَحَدٌ) مِنْ الْكُفَّارِ (بَعْدَ أَمَانٍ) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ بَعْدَ الْأَمَانِ خِيَانَةٌ، وَقَالَ - تَعَالَى -: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُنْصَبُ لِلْغَادِرِ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ» .
(وَ) كَذَا (لَا يُخْفَرُ) أَيْ لَا يُتْرَكُ (لَهُمْ) أَيْ الْعَدُوِّ الْوَفَاءُ (بِعَهْدٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَدُوَّ إذَا أُعْطُوا أَسِيرًا عَهْدًا عَلَى أَنْ لَا يَخُونَ، وَلَا يَهْرَبَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نَقْضُ عَهْدِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَحَرُمَ خِيَانَةُ أَسِيرٍ اُؤْتُمِنَ طَائِعًا، وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْهُرُوبُ، وَلَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، وَسَوَاءٌ حَلَفَ لَهُمْ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ فَلَهُ الْخِيَانَةُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ أُمِنَ مُكْرَهًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ بِأَنْ أَعْطَاهُمْ عَهْدًا كَقَوْلِهِ لَهُمْ: لَكُمْ عَلَيَّ عَهْدٌ أَنْ لَا أَخُونَ أَوْ لَا أَهْرُبَ، أَوْ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ بِأَنْ قَالُوا لَهُ: أَمَّنَّاك

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست