responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 45
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّعْظِيمِ وَالْهَيْبَةِ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَشْيَاءِ الْمَحْسُوسَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ مَا لَا تَجِدُهُ عِنْدَ عَدَمِ سَمَاعِ ذَلِكَ، فَالْقَصْدُ مِنْ ذِكْرِ الْكُرْسِيِّ وَمِثْلُهُ الْعَرْشُ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ لِإِحَاطَتِهِ بِجَمِيعِ الْأَجْسَامِ اسْتِشْعَارُ النُّفُوسِ عِنْدَ سَمَاعِهَا بِعَظَمَةِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَا كُرْسِيَّ وَلَا قُعُودَ وَلَا قَاعِدَ نَظِيرَ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ وَطَيٍّ وَيَمِينٍ بَلْ هُوَ تَخْيِيلٌ لِعَظَمَتِهِ، وَقِيلَ كُرْسِيٌّ حَقِيقَةٌ وَهُوَ جِسْمٌ عَظِيمٌ نُورَانِيٌّ بَيْنَ يَدَيْ الْعَرْشِ مُلْتَصِقٌ بِهِ لَا قَطْعَ لَنَا بِحَقِيقَتِهِ، وَالْمَاءُ كُلُّهُ فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ، وَالْكُرْسِيُّ غَيْرُ الْعَرْشِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا قَطْعَ لَنَا بِتَعْيِينِ حَقِيقَتِهِ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا لَا لِاحْتِيَاجٍ إلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَى وَسِعَ أَحَاطَ عِلْمُهُ بِالسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ يُسَمَّى كُرْسِيًّا وَجَمَعَ السَّمَوَاتِ وَأَفْرَادَ الْأَرْضَ، مَعَ أَنَّهَا سَبْعٌ كَالسَّمَوَاتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ السَّمَوَاتُ مِنْ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ مِنْ نُجُومٍ وَأَقْمَارٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَمْ يَظْهَرْ لَنَا مِنْ الْأَرْضِ إلَّا وَاحِدَةٌ، وَسَائِرُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ.
تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: جَرَى خِلَافٌ فِي الْمَخْلُوقِ أَوْ لِأَهْلِ الْأَرْضِ أَوْ السَّمَاءِ كَمَا جَرَى خِلَافٌ فِي الْأَفْضَلِ، فَفِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ: الْأَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ وَأَفْضَلُ السَّمَوَاتِ أَعْلَاهَا وَأَفْضَلُ الْأَرَضِينَ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَفْضَلُ السَّمَوَاتِ السَّمَاءُ الَّتِي فِيهَا الْعَرْشُ، وَأَفْضَلُ الْأَرَضِينَ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْبُقْعَةِ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ وَالْكَعْبَةِ، الثَّانِي: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ الْأَرْضِ بُقْعَةُ الْكَعْبَةِ وَهِيَ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا الْمُصْطَفَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهِيَ الْمُجِيبَةُ لِلَّهِ تَعَالَى حِينَ قَوْلِهِ لَهَا وَلِلسَّمَاءِ: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] وَلَا يُقَالُ: حَيْثُ خُلِقَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بُقْعَةِ الْكَعْبَةِ فَكَيْفَ دُفِنَ بِالْمَدِينَةِ؟ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْقِطْعَةُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقَلَهَا الطُّوفَانُ إلَى الْمَدِينَةِ لِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يُدْفَنُ إلَّا بِهَا.

فَائِدَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَا خُلِقَتْ مِنْهُ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُونَ وَمَا بَيْنَ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَالْأُخْرَى
فَعَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّ السَّمَاءَ الْأُولَى مَوْجٌ مَكْفُوفٌ، وَالثَّانِيَةَ مَرْمَرَةٌ بَيْضَاءُ، وَالثَّالِثَةَ حَدِيدٌ، وَالرَّابِعَةَ نُحَاسٌ، وَالْخَامِسَةَ فِضَّةٌ، وَالسَّادِسَةَ ذَهَبٌ، وَالسَّابِعَةَ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ إذْ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَإِذْ لَا أَرْضَ وَلَا سَمَاءَ خَلَقَ الرِّيحَ فَسَلَّطَهَا عَلَى الْمَاءِ حَتَّى اضْطَرَبَتْ أَمْوَاجُهُ فَأَخْرَجَ مِنْ الْمَاءِ دُخَانًا وَطِينًا وَزَبَدًا فَأَمَرَ الدُّخَانَ فَعَلَى وَسَمَا فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْهُ السَّمَوَاتِ وَخَلَقَ مِنْ الطِّينِ الْأَرَضِينَ وَخَلَقَ مِنْ الزَّبَدِ الْجِبَالَ، وَالْأَرْضُ خُلِقَتْ قَبْلَ السَّمَاءِ، وَقِيلَ السَّمَاءُ قَبْلَ الْأَرْضِ، وَقِيلَ كَانَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُونَ مُلْتَزِقَتَيْنِ فَرَفَعَ السَّمَاءَ وَفَتَقَهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ وَاَلَّتِي تَلِيهَا خَمْسُمِائَةِ عَامٍ أَيْضًا إلَى السَّابِعَةِ، وَالْأَرْضُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْعَرْشِ مِثْلُ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ. وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ فَوْقَ ذَلِكَ، وَقَعَ خِلَافٌ فِي مُدَّةِ عِمَارَةِ الدُّنْيَا، وَالصَّوَابُ عِنْدِي تَفْوِيضُ ذَلِكَ إلَى الْبَارِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي قَدْرِهَا قُرْآنٌ وَلَا حَدِيثٌ، وَحَكَى جَمَاعَةٌ أَنَّ مُدَّتَهَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ، هَذَا مُلَخَّصُ مَا قَالَهُ الشَّاذِلِيُّ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ الْكُبْرَى.
(وَ) مَعَ كَوْنِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ (لَا يَؤُدُهُ) أَيْ لَا يُثْقِلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ (حِفْظُهُمَا) أَيْ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَلَا حِفْظُ مَا فِيهِمَا إذْ لَوْ شَقَّ عَلَيْهِ حِفْظُ شَيْءٍ لَكَانَ عَاجِزًا وَالْعَجْزُ مُحَالٌ عَلَيْهِ تَعَالَى إذْ كُلُّ مُمْكِنٍ تَحْتَ قُدْرَتِهِ. (وَهُوَ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (الْعَلِيُّ) أَيْ الْمُتَعَالِي بِالْمَنْزِلَةِ عَنْ أَنْ يُحِيطَ بِهِ وَصْفُ وَاصِفٍ أَوْ مَعْرِفَةُ عَارِفٍ.
(الْعَظِيمُ) وَخُتِمَتْ الْآيَةُ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ لِدَلَالَةِ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ عَلَى تَنْزِيهِ الْحَقِّ جَلَّ وَعَلَا عَنْ الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ وَعَلَى إثْبَاتِ الْعُلُوِّ بِالْمَنْزِلَةِ وَالْعَظَمَةِ فِي الْمِقْدَارِ، وَهَذَا إشَارَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ إلَى بَيَانِ بَعْضِ أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُتَضَمِّنِ لِبَيَانِ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ، وَأَسْمَاؤُهُ تَعَالَى كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَلِيِّ وَالْعَظِيمِ، وَمِنْهَا: (الْعَالِمُ) أَيْ أَنَّ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ اعْتِقَادُهُ أَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْعَالِمُ وَكَذَا الْعَلَّامُ وَالْعَلِيمُ لِوُرُودِهَا؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى وَكَذَا صِفَاتُهُ تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ الْخِلَافِ، بِخِلَافِ

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست