responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 56
لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ فَيَبِيدُ، وَلَا صِفَةً لِمَخْلُوقٍ فَيَنْفَدُ.

، وَالْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ: خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ، وَكُلِّ ذَلِكَ قَدْ قَدَّرَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQدُعَاءُ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَبَّهُ وَطَلَبُهُ مِنْهُ رُؤْيَةَ ذَاتِهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِهَا فِي دَارِ الدُّنْيَا وَإِمْكَانِهَا، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُمْتَنِعَةٌ مَا طَلَبَهَا مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعْصُومُونَ مِنْ فِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى إمْكَانِهَا تَعْلِيقُهَا عَلَى اسْتِقْرَارِ الْجَبَلِ وَهُوَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ، وَلَكِنْ لَمْ تَقَعْ فِي دَارِ الدُّنْيَا يَقَظَةً إلَّا لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَيَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ.
قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ عَطْفًا عَلَى الْجَائِزِ الْعَقْلِيِّ الْوَاجِبِ السَّمْعِيِّ بِقَوْلِهِ:
وَمِنْهُ أَنْ يُنْظَرَ بِالْأَبْصَارِ ... لَكِنْ بِلَا كَيْفٍ وَلَا انْحِصَارٍ
لِلْمُؤْمِنِينَ إذْ بِجَائِزٍ عُلِّقَتْ ... هَذَا وَلِلْمُخْتَارِ دُنْيَا ثَبَتَتْ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي مَسْأَلَةٍ تَرْجَمَهَا أَصْحَابُ الْكَلَامِ بِمَسْأَلَةِ خَلْقِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: (وَإِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ) الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِذَاتِهِ لَا اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ (لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ) خَبَرُ إنَّ؛ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ بَيَانٌ أَوْ بَدَلٌ مِنْ الْقُرْآنِ (فَيَبِيدَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالنَّصْبِ بِإِنَّ الْمُضْمَرَةِ فِي جَوَابِ النَّفْيِ بِمَعْنَى يَهْلِكُ. (وَلَا صِفَةً) بِالنَّصْبِ لِعَطْفِهِ عَلَى مَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ تَقْدِيرًا؛ لِأَنَّهُ خَبَرُ لَيْسَ وَالْبَاءُ تُزَادُ فِي خَبَرِهَا كَثِيرًا (لِمَخْلُوقٍ فَيَنْفَدَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى يَفْرُغُ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُضْمَرَةِ فِي جَوَابِ النَّفْي، وَإِنَّمَا غَايَرَ بَيْنَ لَفْظِ يَبِيدُ وَيَنْفَدُ مَعَ اتِّحَادِ مَعْنَاهُمَا وَهُوَ الذَّهَابُ لِلْمُنَاسَبَةِ؛ لِأَنَّ الْأَجْسَامَ تَفْنَى أَصَالَةً فَنَاسَبَهَا لَفْظُ " يَبِيدُ "، وَالْأَعْرَاضَ يَخْلُفُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَنَاسَبَهَا لَفْظُ " يَنْفَدُ "، وَالْمَعْنَى: أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِالْقُرْآنِ صِفَةُ ذَاتِهِ الْقَدِيمَةِ، فَلَا تَنْفَكُّ عَنْهَا كَسَائِرِ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِخَلْقِ الْكَلَامِ مُسْتَدِلِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ حَتَّى لِلصِّبْيَانِ وَالْعَوَامِّ أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُنْتَظِمُ مِنْ الْحُرُوفِ الْمَسْمُوعَةِ الْمُفْتَتَحُ بِالتَّحْمِيدِ الْمَخْتُومُ بِالِاسْتِعَاذَةِ، وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ إجْمَاعُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ هَذَا حَادِثٌ وَمَخْلُوقٌ. وَالْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ وَصْفُهُ بِخَوَاصَّ كَالْبَلَاغَةِ وَالْفَصَاحَةِ وَالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ عَوَارِضِ الْحَوَادِثِ، وَأَجَابَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَمَّا تَمَسَّكَتْ الْمُعْتَزِلَةُ بِأَنَّ كُلَّ مَا دَلَّ عَلَى الْحُدُوثِ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى اللَّفْظِ الدَّالِ عَلَى الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَدِيمٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ:
وَنَزِّهْ الْقُرْآنَ أَيْ كَلَامَهُ ... عَنْ الْحُدُوثِ وَاحْذَرْ انْتِقَامَهُ
وَكُلُّ نَصٍّ لِلْحُدُوثِ دَلَّا ... احْمِلْ عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي قَدْ دَلَّا
وَإِنَّمَا فَسَّرَ الْمُصَنِّفُ الْقُرْآنَ بِكَلَامِ اللَّهِ خَوْفًا مِنْ تَبَادُرِ الذِّهْنِ إلَى اللَّفْظِ لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْقُرْآنِ فِي اللَّفْظِ كَمَا اشْتَهَرَ لَفْظُ الْكَلَامِ فِي الْمَعْنَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّزَاعَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي إثْبَاتِ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ وَنَفْيِهِ، فَأَهْلُ السُّنَّةِ تُثْبِتُهُ وَالْمُعْتَزِلَةُ تَنْفِيه، دَلِيلُنَا أَنَّهُ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَبِالْإِجْمَاعِ وَتَوَاتُرِ النَّقْلِ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ تَعَالَى مُتَكَلِّمٌ، وَلَا مَعْنَى لَهُ سِوَى أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِالْكَلَامِ، وَيَمْتَنِعُ قِيَامُ اللَّفْظِ الْحَادِثِ بِذَاتِهِ تَعَالَى فَيَتَعَيَّنُ النَّفْسِيُّ الْقَدِيمُ، وَالْمُعْتَزِلَةُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُمْ إنْكَارُ كَوْنِهِ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا ذَهَبُوا إلَى أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا أَنَّهُ مُوجِدٌ لِلْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ فِي غَيْرِهِ، وَكَلَامُهُمْ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ مَنْ قَامَ بِهِ صِفَةُ الْكَلَامِ لَا مَنْ أَوْجَدَهُ فِي غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ الْقَائِمَ مَنْ قَامَ بِهِ الْقِيَامُ وَوُجِدَ مِنْهُ لَا مَنْ أَحْدَثَهُ فِي غَيْرِهِ.
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: الْقُرْآنُ وَزْنُهُ فُعْلَانُ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ قَرَأْت الشَّيْءَ قُرْآنًا جَمَعْته، أَوْ مِنْ قَرَأْت الْكِتَابَ قِرَاءَةً وَقُرْآنًا تَلَوْته؛ لِأَنَّهُ مَجْمُوعٌ وَمَتْلُوٌّ، وَحَقِيقَتُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ وَالْعَامَّةِ اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْإِعْجَازِ بِأَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْهُ الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ الْمُحْتَجُّ بِأَبْعَاضِهِ، فَخَرَجَ بِقَيْدِ اللَّفْظِ الْمُنَزَّلِ الْأَحَادِيثُ غَيْرُ الْقُدْسِيَّةِ، فَالْحَقُّ أَنَّ النَّازِلَ فِيهَا الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وَبِقَيْدِ عَلَى مُحَمَّدٍ التَّوْرَاةُ فَإِنَّهَا أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، وَالْإِنْجِيلُ فَإِنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى عِيسَى، وَالزَّبُورُ فَإِنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى دَاوُد، وَيُفِيدُ الْإِعْجَازُ الَّذِي هُوَ صِدْقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَعْوَاهُ الرِّسَالَةَ مَجَازًا عَنْ إظْهَارِ عَجْزِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ عَنْ مُعَارِضَةِ الْأَحَادِيثِ الرَّبَّانِيَّةِ وَيُقَالُ لَهَا الْقُدْسِيَّةُ كَحَدِيثِ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» فَإِنَّهَا أُنْزِلَتْ لِلْعَمَلِ وَالِاحْتِجَاجُ بِمَعَانِيهَا لَا لِلْإِعْجَازِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِعْجَازِ، مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ لِغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التَّعْجِيزِ، وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَا اللَّفْظِ كَلَامَ اللَّهِ مَعَ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَمَخْلُوقٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى تَأْلِيفَهُ.
الثَّانِي: لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَنْ رَتَّبَهُ وَجَمَعَهُ، وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ مِنْ جِبْرِيلَ كَمَا وَرَدَ، وَتَرْتِيبُ الْآيَاتِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَتَرْتِيبُ سُوَرِهِ وَآيَاتِهِ تَوْقِيفِيٌّ، وَاَلَّذِي جَمَعَهُ هُوَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُفَرَّقًا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ زَمَانَ

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست