responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 62
أَعْمَالِهِمْ، وَالْمُقَدِّرُ لِحَرَكَاتِهِمْ وَآجَالِهِمْ.

، الْبَاعِثُ الرُّسُلَ إلَيْهِمْ: لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ.

، ثُمَّ خَتَمَ الرِّسَالَةَ وَالنِّذَارَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَلَالِ وَيَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِهِ وَلَا يَحْبِسُ مِنْهُ إلَّا مَا احْتَاجَ إلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ يَحْتَاجُ لَهُ لَا مَنْ يَجْمَعُ الْمَالَ وَيُمْسِكُهُ، وَالْفَقِيرُ الصَّابِرُ الْقَائِمُ بِوَظِيفَةِ الْفَقْرِ مِنْ الرِّضَا بِحَالَتِهِ وَعَدَمِ شَكْوَاهُ، وَمَعْنَى فَضْلُ الْغِنَى كَثْرَةُ الثَّوَابِ الْحَاصِلَةُ بِهِ، هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ مَعَ بَعْضِ تَصَرُّفٍ.
(أَوْ) أَيْ وَتَعَالَى سُبْحَانَهُ عَنْ أَنْ (يَكُونَ) أَيْ يُوجَدَ (خَالِقٌ لِشَيْءٍ إلَّا هُوَ) بَدَلٌ مِنْ خَالِقٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْخَلْقِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 102] مِنْ الْحَوَادِثِ، فَلَا يَرِدُ ذَاتُهُ وَصِفَاتُهُ وَأَسْمَاؤُهُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ سَبْقِ الْعَدَمِ لَهَا، بَلْ لَا يَتَصَوَّرُهَا الْعَقْلُ إلَّا قَدِيمَةً لَمْ تُسْبَقْ بِعَدَمٍ حَتَّى يَتَوَهَّمَ دُخُولُهَا فِي عُمُومِ شَيْءٍ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (رَبُّ الْعِبَادِ وَرَبُّ أَعْمَالِهِمْ) أَيْ الْخَالِقُ لِلْعِبَادِ وَلِأَعْمَالِهِمْ.
قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96]
تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا: تَعَالَى أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يُرِيدُ، عُمُومُ تَعَلُّقِ إرَادَتِهِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يُرِيدُ الشُّرُورَ وَإِنَّهَا تَقَعُ عَلَى خِلَافِ مُرَادِهِ وَهُوَ اعْتِقَادٌ بَاطِلٌ، لِأَنَّ كَبِيرَ الْقَرْيَةِ لَا يَرْضَى أَنْ يَقَعَ فِي قَرْيَتِهِ مَا لَيْسَ عَلَى مُرَادِهِ، فَكُفْرُ الْكُفَّارِ بِإِرَادَتِهِ وَإِنْ كَانَ يُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ ظُلْمًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَهُوَ مَالِكُ سَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.
وَإِلَى هَذَا قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ:
وَجَائِزٌ عَلَيْهِ خَلْقُ الشَّرِّ ... وَالْخَيْرِ كَالْإِسْلَامِ وَجَهْلِ الْكُفْرِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرَّ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقَبِيحِ وَهُوَ كُلُّ مَا يُذَمُّ فَاعِلُهُ عَاجِلًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ آجِلًا مَخْلُوقٌ بِإِرَادَتِهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ تَعَالَى وَلَا يَرْضَاهُ، وَالْخَيْرُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْحَسَنِ وَهُوَ كُلُّ مَا يُمْدَحُ فَاعِلُهُ فِي الْعَاجِلِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِهِ الثَّوَابُ فِي الْآجِلِ مَخْلُوقٌ بِإِرَادَتِهِ وَأَمْرِهِ مَعَ رِضَاهُ تَعَالَى بِهِ، وَلَا يُقَالُ: إذَا كَانَتْ الشُّرُورُ وَجَمِيعُ الْمُؤْذِيَاتِ مَخْلُوقَةً بِإِرَادَتِهِ لَا يَمْتَنِعُ قَوْلُ الْقَائِلِ: اللَّهُ خَالِقٌ لِلْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَسَائِرِ الْقَبَائِحِ فِي غَيْرِ مَقَامِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا امْتَنَعَ لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الْأَدَبِ، وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُرِيدُ أَنْ يُعْصَى؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعْصَى، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَيْحَك فَمَا أَرَادَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: أَرَادَ أَنْ يُطَاعَ وَلَا يُعْصَى، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَيْحَك فَمَنْ حَالَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ مَا أَرَادَ؟ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ لِلْأُسْتَاذِ ابْنِ إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ مِنْ عُظَمَاءِ الْأَشَاعِرَةِ مَعَ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُعْتَزِلِيِّ حِينَ قَوْلِ عَبْدِ الْجَبَّارِ: سُبْحَانَهُ مَنْ تَنَزَّهَ عَنْ الْفَحْشَاءِ، وَفَهِمَ مِنْهُ الْأُسْتَاذُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمَعْنَى تَنَزَّهَ اللَّهُ عَنْ خَلْقِهَا، فَقَالَ الْأُسْتَاذُ: سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَقَعْ فِي مُلْكِهِ إلَّا مَا يَشَاءُ، فَالْتَفَتَ إلَيْهِ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَعَرَفَ أَنَّهُ فَهِمَ فَقَالَ: أَيُرِيدُ رَبُّنَا أَنْ يُعْصَى؟ فَقَالَ الْأُسْتَاذُ: أَفَيُعْصَى رَبُّنَا قَهْرًا؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ: أَرَأَيْت إنْ مَنَعَنِي الْهُدَى وَقَضَى عَلَيَّ بِالرَّدَى أَحْسَنَ لِي أَمْ أَسَاءَ؟ فَقَالَ الْأُسْتَاذُ: إنْ مَنَعَك مَا هُوَ لَك فَقَدْ أَسَاءَ، وَإِنْ مَنَعَك مَا هُوَ لَهُ فَيَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، فَانْصَرَفَ الْحَاضِرُونَ وَهُمْ يَقُولُونَ: وَاَللَّهِ لَيْسَ عَنْ هَذَا جَوَابُ الثَّانِي، إنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ: أَوْ يَكُونَ خَالِقٌ لِشَيْءٍ إلَّا هُوَ، وَإِنْ عَلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ لِلرَّدِّ صَرِيحًا عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَ نَفْسِهِ إمَّا بِغَيْرِ وَاسِطَةِ الْأَقْدَارِ وَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ إذْ الْعَبْدُ كَاسِبٌ وَالْخَالِقُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَ) كَمَا يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَقَعُ فِي مُلْكِهِ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ إلَّا بِإِرَادَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا غِنَى لِأَحَدٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ رَبُّ الْعِبَادِ وَرَبُّ أَعْمَالِهِمْ، يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهُ تَعَالَى (الْمُقَدِّرُ) بِكَسْرِ الدَّالِ بِمَعْنَى الْمُحَدِّدُ وَالْمُعَيِّنُ (لِحَرَكَاتِهِمْ) وَسَكَنَاتِهِمْ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْحَرَكَةِ؛ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ فِي الْوُجُودِ، وَحَقِيقَةُ الْحَرَكَةِ الِانْتِقَالُ مِنْ حَيِّزٍ إلَى حَيِّزٍ، وَقِيلَ: الْحَرَكَةُ حُصُولُ الْجَوْهَرِ فِي مَكَانَيْنِ بِخِلَافِ السُّكُونِ فَإِنَّهُ حُصُولُ ذَلِكَ فِي مَكَان وَاحِدٍ. (وَ) الْمُقَدِّرُ لِ (آجَالِهِمْ) جَمْعُ أَجَلٍ وَهُوَ زَمَنُ الْحَيَوَانِ وَوَقْتُهُ الَّذِي كَتَبَ اللَّه فِي الْأَزَلِ مَوْتَهُ بِانْقِضَائِهِ، سَوَاءٌ مَاتَ بِقَتْلٍ أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَكُلُّ مَنْ مَاتَ إنَّمَا مَاتَ بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ، خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّ الْقَاتِلَ قَطَعَ عَلَى الْمَقْتُولِ أَجَلَهُ وَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَعَاشَ.
قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ:
وَمَيِّتٌ بِعُمْرِهِ لَمْ يُقْتَلْ ... وَغَيْرُ هَذَا بَاطِلٌ لَا يُقْبَلْ
دَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ} [نوح: 4] وقَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست