responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 67
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصْلِ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ مَأْخُوذٌ مِنْ سَرِطْت الشَّيْءَ بِكَسْرِ الرَّاءِ ابْتَلَعْته كَأَنَّهُ يَبْتَلِعُ الْمَارَّةَ وَيُجْمَعُ عَلَى سُرُطٍ كَكُتُبٍ، وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ كَالطَّرِيقِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا طَرِيقُ الْخَيْرِ كَمَا بَيَّنَّا.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَةِ الْإِيمَانُ بِالْقَلْبِ أَنَّ اللَّهَ إلَهٌ وَاحِدٌ. . . إلَخْ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (وَأَنَّ السَّاعَةَ) أَيْ الْقِيَامَةَ وَيُسَمَّى يَوْمُهَا الْيَوْمُ الْآخِرُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: مِنْ وَقْتِ الْحَشْرِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى، أَوْ إلَى أَنْ يَدْخُلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ الْأَوْقَاتِ الْمَحْدُودَةِ، وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا لَيْلَ بَعْدَهُ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ انْقِرَاضِ الدُّنْيَا وَآخِرُ أَيَّامِهَا، وَيُسَمَّى أَيْضًا بِيَوْمِ الْحَسْرَةِ وَيَوْمِ النَّدَامَةِ وَيَوْمِ الْحَاقَّةِ وَيَوْمِ الْمُحَاسَبَةِ وَيَوْمِ الْمُنَاقَشَةِ وَيَوْمِ الزَّلْزَلَةِ وَيَوْمِ الْمُنَافَسَةِ وَيَوْمِ التَّلَاقِي وَيَوْمِ الدَّمْدَمَةِ أَيْ إطْبَاقِ الْعَذَابِ وَيَوْمِ الصَّاعِقَةِ وَيَوْمِ الْوَاقِعَةِ وَيَوْمِ الْقِصَاصِ وَيَوْمِ الْقَارِعَةِ وَيَوْمِ الرَّادِفَةِ وَيَوْمِ الرَّاجِفَةِ وَيَوْمِ الْمَآبِ وَيَوْمِ الْحِسَابِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْقِيَامَةُ لَمَّا عَظُمَتْ أَحْوَالُهَا وَجَلَّتْ أَهْوَالُهَا سَمَّاهَا اللَّهُ بِأَسْمَاءٍ كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةِ الْمَعَانِي بِحَسَبِ اخْتِلَافِ أَهْوَالِهَا.
(آتِيَةٌ) أَيْ جَائِيَةٌ قَطْعًا، وَوَصَفَهَا بِالْإِتْيَانِ عَلَى صِيغَةِ الْمَجَازِ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْرَامِ، فَالْمُرَادُ بِإِتْيَانِهَا انْقِرَاضُ الدُّنْيَا وَهَذَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلِذَلِكَ قَالَ: (لَا رَيْبَ فِيهَا) أَيْ لَا شَكَّ وَلَا تَرَدُّدَ فِي إتْيَانِهَا وَإِنْ عُمِّيَ عَلَيْنَا وَقْتُ إتْيَانِهَا، فَإِنْ قِيلَ: الرَّيْبُ وَقَعَ فِي إتْيَانِهَا فَمَا مَعْنَى إخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ؟ فَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا خَبَرٌ مَعْنَاهُ النَّهْيُ أَيْ لَا تَشُكُّوا فِي إتْيَانِهَا.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ قَدْ نَزَلَ ارْتِيَابُ الْمُرْتَابِينَ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ عَلَى وَجْهٍ بَاطِلٍ يَنْزِلُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْبَيَانِ مَنْزِلَةَ عَدَمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] .
وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْأَخْبَارَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي عِلْمِ اللَّهِ، فَالْمُرَادُ لَا رَيْبَ فِيهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى إتْيَانِهَا، وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ انْقِرَاضَ الدُّنْيَا وَحُصُولَ الْفَظَائِعِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ الَّتِي تُذِيبُ الْأَكْبَادَ وَتُوجِبُ ذُهُولَ الْمَرَاضِعِ عَنْ الْأَوْلَادِ حَقٌّ.
قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ - يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} [الحج: 1 - 2] الْآيَةُ {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان: 10] أَيْ شَدِيدًا، يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ - وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ - وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس: 34 - 36] {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37] .
وَفِي الْحَدِيثِ: «خَوَّفَنِي جِبْرِيلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى أَبْكَانِي فَقُلْت: يَا جِبْرِيلُ أَلَمْ يَغْفِرْ لِي رَبِّي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ لَتُشَاهِدَنَّ مِنْ أَهْوَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَا يُنْسِيكَ الْمَغْفِرَةَ» أَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
قَالَ السَّعْدُ: وَالْحَقُّ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ، فَيُشَدَّدُ عَلَى الْكَافِرِينَ حَتَّى يَجِدُوا مِنْ طُولِهِ الْغَايَةَ، وَيَتَوَسَّطُ عَلَى فَسَقَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَخِفُّ عَلَى الصَّالِحِينَ حَتَّى يَكُونَ كَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ السَّعْدُ: وَهَلْ يَظْهَرُ أَثَرُ هَذِهِ الْأَهْوَالِ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالظَّاهِرُ السَّلَامَةُ.
قَالَ تَعَالَى: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ} [فصلت: 30] وَقَالَ: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ} [الأنبياء: 103] وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ عَنْ الْمُحَاسِبِيِّ وَارْتَضَاهُ أَنَّ خَوْفَ الْأَنْبِيَاءِ خَوْفُ إعْظَامٍ وَإِجْلَالٍ وَإِنْ كَانُوا آمَنِينَ مِنْ الْعَذَابِ، وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَعَارِضَةِ الظَّوَاهِرِ فَعَلَيْهِ شُدَّ يَدَك.
تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: السَّاعَةُ اسْمٌ لِحِصَّةٍ مِنْ الزَّمَانِ أَقَلُّهَا طَرْفَةُ عَيْنٍ فَهِيَ نَكِرَةٌ تَقْبَلُ التَّعْرِيفَ وَالتَّنْكِيرَ إلَّا هَذِهِ فَلَا يَجُوزُ حَذْفُ أَلْ مِنْهَا، فَإِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ قَدْ لَزِمَتْهَا عَلَى وَجْهِ التَّغْلِيبِ كَالثُّرَيَّا وَنَحْوِهَا، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ.
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَالسَّاعَةُ الْقِيَامَةُ وَهِيَ آخِرُ سَاعَاتِ الدُّنْيَا، وَزَمَنُ انْقِرَاضِهَا سُمِّيَتْ بِالسَّاعَةِ مَعَ طُولِ زَمَنِهَا بِالنِّسْبَةِ لِكَمَالِ قُدْرَتِهِ كَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا طَوِيلَةٌ عَلَى غَيْرِ الْأَخْبَارِ، وَأَوَّلُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ إلَى اسْتِقْرَارِ الْخَلْقِ فِي الدَّارَيْنِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالنَّفْخَةُ الْأُولَى هِيَ نَفْخَةُ الصَّعْقِ أَيْ الْمَوْتِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ} [الزمر: 68] أَيْ مَاتَ {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [النمل: 87] مِنْ الْحُورِ وَالْوِلْدَانِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ} [المزمل: 14] وَقَوْلِهِ: {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [النازعات: 7] هِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ وَتُسَمَّى نَفْخَةُ الْإِحْيَاءِ وَالْبَعْثِ وَقِيَامِ الْخَلْقِ لِلْحِسَابِ وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68] وَالضَّمِيرُ فِي إذَا هُمْ لِجَمِيعِ الْخَلَائِقِ، وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَبَعْدَ قِيَامِهِمْ يَنْظُرُونَ مَا يُفْعَلُ بِهِمْ عِنْدَ الْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيْ خَالِقِهِمْ وَعَرْضِهِمْ عَلَيْهِ

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست