responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني نویسنده : الصعيدي العدوي، علي    جلد : 1  صفحه : 73
قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45] {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 46] الْمَعْنَى ذَا سِرَاجٍ وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ لِلنُّورِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ شَرْعُهُ، فَإِنَّ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ يَخْرُجُ بِنُورِهِ مِنْ ظُلْمَةِ الْكُفْرِ، وَشُبِّهَ بِالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ دُونَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ؛ لِأَنَّ نُورَهُمَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نُورٌ، وَإِنْ أُخِذَ فَنَادِرٌ بِتَكَلُّفٍ، وَنُورُ السِّرَاجِ يُوقَدُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ أَسْرِجَةٍ وَمِنْ غَيْرِ نَقْصٍ مِنْهُ، وَإِذَا ذَهَبَ نُورُ الْأَصْلِ بَقِيَ نُورُ فَرْعِهِ وَنُورُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْأَنْوَارُ بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ وَلَا يَذْهَبُ بِذَهَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (أَنْزَلَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (كِتَابَهُ الْحَكِيمَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ الْإِبَاحَةُ [قَوْلُهُ: الْمَعْنَى ذَا سِرَاجٍ] وَيَجُوزُ إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مُبَالَغَةً.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ] أَيْ السِّرَاجُ.
[قَوْلُهُ: لِلنُّورِ] أَيْ لِذِي النُّورِ أَيْ الْأَحْكَامِ الِاعْتِقَادِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: يُخْرِجُهُ بِنُورِهِ مِنْ ظُلْمَةِ الْكُفْرِ وَاحْتَجْنَا لِهَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ السِّرَاجُ وَهُوَ ذُو نُورٍ فَيَكُونُ الْمُشَبَّهُ كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ: الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ شَرْعُهُ] أَرَادَ بِهِ الْأَحْكَامَ مُطْلَقًا اعْتِقَادِيَّةً أَوْ فَرْعِيَّةً، فَيَكُونُ مِنْ تَضَمُّنِ الْكُلِّ لِلْجُزْءِ أَوْ أَرَادَ بِهِ الْأَدِلَّةَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ السِّرَاجَ الْقُرْآنُ.
وَالتَّقْدِيرُ: ذَا سِرَاجٍ أَوْ تَالِيًا سِرَاجًا، وَوُصِفَ بِالْإِنَارَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ السِّرَاجِ مَا لَا يُضِيءُ إذَا دَقَّتْ فَتِيلَتُهُ أَوْ قَلَّ سَلِيطُهُ [قَوْلُهُ: يُخْرِجُ بِنُورِهِ] أَرَادَ بِهِ ذَا النُّورِ الَّذِي هُوَ الْأَحْكَامُ الْمُشَبَّهَةُ بِالسِّرَاجِ، وَالضَّمِيرُ فِي بِنُورِهِ يَجُوزُ رُجُوعُهُ إلَى اللَّهِ أَوْ مِنْ، وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ أَيْ فَكَمَا يَخْرُجُ أَيْ يُتَخَلَّصُ مِنْ الظُّلْمَةِ الْحِسِّيَّةِ بِالسِّرَاجِ كَذَلِكَ يُتَخَلَّصُ مِنْ ظُلْمَةِ الْكُفْرِ فِيمَا هُوَ شَبِيهٌ بِالسِّرَاجِ، أَعْنِي الْأَحْكَامَ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ ظُلْمَةِ الْكُفْرِ إمَّا مِنْ إضَافَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ أَوْ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ بِأَنْ يَتَجَوَّزَ فِي الظُّلْمَةِ بِاسْتِعَارَتِهَا إلَى أَمْرٍ مَكْرُوهٍ ثُمَّ يُبَيَّنُ بِالْكُفْرِ.
[قَوْلُهُ: وَشُبِّهَ] أَيْ ذُو النُّورِ الَّذِي هُوَ الْأَحْكَامُ الِاعْتِقَادِيَّةُ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ أُخِذَ] أَيْ مِنْ نُورِهِمَا نُورٌ فَنَادِرٌ مَعَ تَكَلُّفٍ [قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ] هَذَا هُوَ الْفَارِقُ فَإِنْ قُلْت: هَذَا الَّذِي يُمَيَّزُ بِهِ السِّرَاجُ عَنْ الشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ مَوْجُودٌ فِي الشَّمْعِ وَالشَّمْعُ أَقْوَى نُورًا مِنْ السِّرَاجِ فَهُوَ أَوْلَى بِالذِّكْرِ مِنْ السِّرَاجِ، قُلْت: الشَّمْعُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ، فَفِي ذِكْرِهِ كَسْرُ خَاطِرِ الْعَاجِزِ عَنْهُ [قَوْلُهُ: أَسْرِجَةٍ] جَمْعُ الْقِلَّةِ لَيْسَ مُرَادًا مِنْهُ الْقِلَّةُ بَلْ الْكَثْرَةُ أَيْ نُورُ السِّرَاجِ يُؤْخَذُ مِنْهُ نُورُ أَسْرِجَةٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ مِنْهُ هَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا ذَهَبَ نُورُ الْأَصْلِ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ وَصَفَ نُورَ السِّرَاجِ بِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ، فَيَكُونُ هُوَ الْأَصْلُ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ فَرْعًا فَتُجْعَلُ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيُّ نُورٍ هُوَ الْأَصْلُ وَنُورٌ هُوَ فَرْعُهُ. [قَوْلُهُ: وَنُورُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ] أَيْ وَنُورُ أَحْكَامِهِ لِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ قُلْت: قَدْ أَفَدْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْكَامِ الْأَحْكَامُ الِاعْتِقَادِيَّةُ الْمَوْصُوفَةُ بِأَنَّ لَهَا نُورًا؛ لِأَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالسِّرَاجِ الَّذِي لَهُ نُورٌ، فَمَا الْمَأْخُوذُ مِنْ نُورِهَا؟ قُلْت: ذَلِكَ الْمَأْخُوذُ مَعَارِفُ وَعُلُومٌ فَتِلْكَ الْأَحْكَامُ حِينَ تَتَمَكَّنُ فِي قَلْبِ مَنْ تَتَمَكَّنُ بِهِ يَثْبُتُ لَهَا إشْرَاقٌ قَلْبِيٌّ يَنْشَأُ مِنْهُ مَعَارِفُ وَعُلُومٌ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَذْهَبُ بِذَهَابِهِ] أَيْ وَلَا يَذْهَبُ ذَلِكَ النُّورُ بِذَهَابِهِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ بِبَقَاءِ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ أَحْكَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهِ يَتَمَيَّزُ عَنْ نُورِ السِّرَاجِ؛ لِأَنَّ نُورَ السِّرَاجِ لَا يَبْقَى فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَصِحُّ التَّشْبِيهُ حِينَئِذٍ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقُوَّةَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ تَكْفِي وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَالْقُوَّةُ فِي السِّرَاجِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَمْرٌ حِسِّيٌّ، وَالْمَحْسُوسُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَحْسُوسٌ أَعْلَى مِنْ الْمَعْقُولِ.

[قَوْلُهُ: أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ كِتَابَهُ الْحَكِيمَ] الْمُرَادُ بِهِ اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى نَبِيِّنَا لِلْإِعْجَازِ بِأَقْصَرِ سُورَةٍ، وَصِفَةُ إنْزَالِهِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَفْظًا فَأَسْمَعَهُ لِجِبْرِيلَ فَحَفِظَهُ جِبْرِيلُ، وَنَقَلَهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا تَلَاهُ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَفِظَهُ وَوَعَاهُ، وَقِيلَ: إنَّ جِبْرِيلَ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَنَزَلَ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلَقَّنَتْهُ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَقَّنْتُهُ لِجِبْرِيلَ فِي عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَلَقَّنَهُ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَزَلَ بِاللَّفْظِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ نَزَلَ بِالْمَعْنَى فَقِيلَ: إنَّ جِبْرِيلَ عَبَّرَ عَنْهُ بِاللَّفْظِ الْخَاصِّ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقِيلَ:

نام کتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني نویسنده : الصعيدي العدوي، علي    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست