responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 399
صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَعَنْ آخَرِينَ أَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ وَلَيْسَتْ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَلَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا وَفَسَادِ مَا خَالَفَهُ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَقْتًا ثَالِثًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْفَكَّ الْعَالَمُ مِنْهُمَا فَإِذَا بَطَلَ أَنْ تَكُونَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ ثَبَتَ أَنْ تَكُونَ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الصُّبْحُ فَثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ} [البقرة: 187] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ هُوَ الصُّبْحُ الْمُنْفَلِقُ وَالْخَيْطُ الْأَسْوَدُ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى. وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ فِي أَوْقَاتِ النَّوَافِلِ يَقْتَضِي أَنَّ النَّهَارَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَتَأَمَّلْهُ.
(فَصْلٌ) وَلَا خِلَافَ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَهُوَ الضِّيَاءُ الْمُعْتَرِضُ فِي الْأُفُقِ، وَيُقَالُ لَهُ: الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ بِالرَّاءِ أَيْ: الْمُنْتَشِرُ الشَّائِعُ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7] وَقَالَ فِي الطِّرَازِ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ شُبِّهَ بِالطَّائِرِ يَفْتَحُ جَنَاحَيْهِ وَهُوَ الْفَجْرُ الثَّانِي، وَأَمَّا الْفَجْرُ الْأَوَّلُ فَيُقَالُ لَهُ الْمُسْتَطِيلُ بِاللَّامِ؛ لِأَنَّهُ يَصْعَدُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ قَالَ فِي الطِّرَازِ كَهَيْئَةِ الطَّيْلَسَانِ وَيُشْبِهُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الذِّئْبُ وَالْأَسَدُ فَإِنَّ لَوْنَهُ مُظْلِمٌ وَبَاطِنُ ذَنَبِهِ أَبْيَضُ وَشَبَّهَهُ الشُّعَرَاءُ مَعَ اللَّيْلِ بِالثَّوْبِ الْأَسْوَدِ الَّذِي جَيْبُهُ فِي صَدْرِهِ إذَا شُقَّ جَيْبُهُ وَبَرَزَ الصَّدْرُ، وَيُقَالُ: الْكَاذِبُ وَالْكَذَّابُ؛ لِأَنَّهُ يَغُرُّ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْمُحَلِّفُ كَأَنَّ حَالِفًا يَحْلِفُ لَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَآخَرُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ هَذَا الْفَجْرِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَامُّ الْوُجُودِ فِي سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ وَهُوَ خَاصُّ بِبَعْضِ الشِّتَاءِ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْمَجَرَّةُ فَمَتَى كَانَ الْفَجْرُ بِالْبَلْدَةِ وَنَحْوِهَا طَلَعَتْ الْمَجَرَّةُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَهِيَ بَيْضَاءُ فَيُعْتَقَدُ أَنَّهَا الْفَجْرُ فَإِذَا بَيَّنَتْ الْأُفُقَ ظَهَرَ مِنْ تَحْتِهَا الظَّلَامُ ثُمَّ يَطْلُعُ الْفَجْرُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الشِّتَاءِ فَتَطْلُعُ الْمَجَرَّةُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، أَوْ نِصْفَهُ فَلَا يَطْلُعُ آخِرَ اللَّيْلِ إلَّا الْفَجْرُ الْحَقِيقِيُّ انْتَهَى.
وَنَازَعَهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ مُسْتَمِرٌّ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ مِنْ اللَّيْلِ فَلَا يَحْرُمُ فِيهِ الْأَكْلُ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِيهِ لَمْ تُجِزْهُ بِلَا خِلَافٍ.
(فَصْلٌ) وَاخْتُلِفَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي ذَلِكَ طَرِيقَيْنِ: (الْأُولَى) لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْمَازِرِيِّ أَنَّهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ.
(الثَّانِيَةُ) لِلْأَكْثَرِ وَأَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَقِيلَ: لِلْإِسْفَارِ الْأَعْلَى، وَقِيلَ: طُلُوعُ الشَّمْسِ، وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ مَعَ قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَشْهُورُ لِتَصْدِيرِهِ بِهِ وَعِطْفِهِ الْأَوَّلَ عَلَيْهِ بِقِيلَ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا صُدِّرَ بِهِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْإِسْفَارُ قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: أَيْ الْأَعْلَى وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، نَعَمْ يُوَافِقُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، قَالَ: وَمَا رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ لَا يَصِحُّ، قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بَعْدَ كَلَامِهِ: إنْ كَانَ ثَمَّ وَجْهٌ يُلْجِئُ إلَى تَأْوِيلِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُخْتَصَرِ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي نَقْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَصِحُّ انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْإِسْفَارِ فَفَسَّرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِمَا تَتَبَيَّنُ بِهِ الْأَشْيَاءُ وَتَتَرَاءَى بِهِ الْوُجُوهُ وَنَقَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَفَسَّرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِمَا إذَا تَمَّتْ الصَّلَاةُ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ. وَقَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: الْإِسْفَارُ الْبَيَانُ وَالْكَشْفُ وَهُوَ يَقَعُ أَوَّلًا عَلَى انْصِدَاعِ الْفَجْرِ وَبَيَانِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» أَيْ: صَلُّوهَا عِنْدَ اسْتِبَانَةِ الصُّبْحِ

نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 399
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست