responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 440
الْمَنَارُ عِنْدَ السَّلَفِ بِنَاءً يَبْنُونَهُ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ كَهَيْئَتِهِ الْيَوْمَ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَحْدَثُوا فِيهِ أَنَّهُمْ عَمِلُوهُ مُرَبَّعًا عَلَى أَرْكَانٍ أَرْبَعَةٍ، وَكَانَ فِي عَهْدِ السَّلَفِ مُدَوَّرًا، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبُيُوتِ خِلَافًا لِمَا أَحْدَثُوهُ مِنْ تَعْلِيَةِ الْمَنَارِ، وَذَلِكَ يُمْنَعُ لِوُجُوهٍ: (أَحَدُهَا) : مُخَالَفَةُ السَّلَفِ (الثَّانِي) : أَنْ يَكْشِفَ حَرِيمَ الْمُسْلِمِينَ (الثَّالِثُ) : أَنَّ صَوْتَهُ يَبْعُدُ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَنِدَاؤُهُ إنَّمَا هُوَ لَهُمْ وَقَدْ بَنَى بَعْضُ مُلُوكِ الْعَرَبِ مَنَارًا زَادَ فِي عُلُوِّهِ فَبَقِيَ الْمُؤَذِّنُ إذَا أَذَّنَ لَا يَسْمَعُ أَحَدٌ مِنْ تَحْتِهِ صَوْتَهُ، وَهَذَا إذَا تَقَدَّمَ وُجُودُ الْمَنَارِ عَلَى بِنَاءِ الدُّورِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدُّورُ مَبْنِيَّةً ثُمَّ جَاءَ بَعْضُ النَّاسِ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ الْمَنَارَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَكْشِفُ عَلَيْهِمْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَنَارِ وَالدُّورِ سِكَكٌ وَبُعْدٌ بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا طَلَعَ الْمُؤَذِّنُ عَلَى الْمَنَارِ، وَيَرَى النَّاسَ فِي أَسْطِحَةِ بُيُوتِهِمْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْهُمْ فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى مَا قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا كَانَ الْمَنَارُ أَعْلَى مِنْ الْبُيُوتِ قَلِيلًا أَسْمَعَ النَّاسَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُرْتَفِعًا كَثِيرًا انْتَهَى.
وَالْمَنَارُ فِي اللُّغَةِ عَلَمُ الطَّرِيقِ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالْمَنَارَةُ: الَّتِي يُؤَذَّنُ عَلَيْهَا، وَالْمَنَارَةُ أَيْضًا يُوضَعُ فَوْقَهَا السِّرَاجُ، وَهِيَ مَفْعَلَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَالْجَمْعُ الْمَنَاوِرُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النُّورِ، وَمَنْ قَالَ: مَنَائِرُ، وَهَمَزَ فَقَدْ شَبَّهَ الْأَصْلَ بِالزَّائِدِ انْتَهَى. وَهُوَ شَاذٌّ وَيُقَال لَهَا أَيْضًا: الْمِئْذَنَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ، ثُمَّ هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَيَجُوزُ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ كُرَاعٍ أَنَّهُ يُقَالُ: مَأْذَنَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : ظَاهِرُ آخِرِ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَنَارُ سَابِقًا عَلَى بِنَاءِ الدُّورِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ أَوَّلُ كَلَامِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْبَيَانِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ وَلَوْ كَانَ الْمَنَارُ قَدِيمًا، قَالَهُ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ قِيلَ لِسَحْنُونٍ: فَالْمَسْجِدُ يُجْعَلُ فِيهِ الْمَنَارُ فَإِذَا صَعِدَ الْمُؤَذِّنُ فِيهِ عَايَنَ مَا فِي الدُّورِ الَّتِي يُجَاوِرُهَا الْمَسْجِدُ فَيُرِيدُ أَهْلُ الدُّورِ مَنْعَهُ مِنْ الصُّعُودِ وَرُبَّمَا كَانَتْ بَعْضُ الدُّورِ عَلَى الْبُعْدِ مِنْ الْمَسْجِدِ يَكُونُ بَيْنَهُمْ الْفِنَاءُ الْوَاسِعُ أَوْ السِّكَّةُ الْوَاسِعَةُ؟ قَالَ: يُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الضَّرَرِ، قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْأَذَانِ فِي أَنَّ الِاطِّلَاعَ مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي يَجِبُ الْقَضَاءُ بِقَطْعِهِ، وَكَذَا يَجِبُ عِنْدِي عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي مِلْكِهِ اطِّلَاعًا عَلَى جَارِهِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِسَدِّهِ، وَيُقَالُ لِجَارِهِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ أَنَّ الْمَنَارَ لَيْسَ بِمِلْكٍ لِلْمُؤَذِّنِ وَإِنَّمَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ، وَالِاطِّلَاعُ عَلَى حُرَمِ النَّاسِ مَحْظُورٌ، وَلَا يَحِلَّ الدُّخُولُ فِي نَافِلَةٍ بِمَعْصِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدُّورُ عَلَى الْقُرْبِ أَوْ عَلَى الْبُعْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبُعْدُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يَتَبَيَّنُ مَعَهُ الْأَشْخَاصُ وَالْهَيْئَاتُ، وَلَا الذُّكْرَانُ مِنْ الْإِنَاثِ فَلَا يُعْتَبَرُ الِاطِّلَاعُ مَعَهُ انْتَهَى.
(الثَّانِي) قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: وَيَنْهَى الْإِمَامُ الْمُؤَذِّنِينَ عَمَّا أَحْدَثُوهُ مِنْ أَذَانِ الشَّبَابِ عَلَى الْمَنَارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوْصَافِ الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَتْقَاهُمْ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فِي الشَّبَابِ، وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ الَّذِي يَصْعَدُ عَلَى الْمَنَارِ أَنْ يَكُونَ مُتَزَوِّجًا؛ لِأَنَّهُ أَغَضُّ لِطَرَفِهِ، وَالْغَالِبُ فِي الشَّبَابِ عَدَمُ ذَلِكَ وَالْمَنَارُ لَا يَصْعَدُهُ إلَّا مَأْمُونُ الْغَائِلَةِ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ بِمَدِينَةِ فَاسَ يَصْحَبُ إمَامَ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ الَّذِي هُنَاكَ، وَكَانَ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلَدٌ حَسَنُ الصَّوْتِ فَطَلَبَ مِنْ الْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِوَلَدِهِ فِي الصُّعُودِ عَلَى الْمَنَارِ لِيُؤَذِّنَ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: وَلِمَ تَمْنَعُهُ؟ قَالَ: إنَّ الْمَنَارَ لَا يَصْعَدُهُ عِنْدَنَا إلَّا مَنْ شَابَ ذِرَاعَاهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الطَّعْنِ فِي السِّنِّ، وَقَالَ: أَتُرِيدُ أَنْ تُحْدِثَ الْفِتْنَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ فَيَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ جَهْدَهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمَنَارِ، وَأَمَّا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ عَلَى سَطْحِهِ إذَا كَانَ لَا يَكْشِفُ أَحَدًا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ: وَيَحِقُّ عَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الِاخْتِيَارِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي مُؤَذِّنِيهِمْ يَقْصِدُ بِذَلِكَ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالسِّنِّ وَالرِّضَا؛ لِأَنَّهُمْ مَأْمُونُونَ

نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 440
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست