responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 450
مُنْتَهَى صَوْتِهِ فَلَأَنْ يَشْهَدَ لَهُ مَنْ دَنَا مِنْهُ، وَسَمِعَ مُنَادَى صَوْتِهِ أَوْلَى انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: " شَهِدَ لَهُ " ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَا عَلَى بَابِهَا وَرَأَيْت فِي حَاشِيَتِهِ نُسْخَةً مِنْ الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَا بِمَعْنَى الشَّفَاعَةِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالسِّرُّ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهَا تَقَعُ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ، وَالشَّهَادَةِ أَنَّ أَحْكَامَ الْآخِرَةِ جَرَتْ عَلَى نَعْتِ أَحْكَامِ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا مِنْ تَوْجِيهِ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَالشَّهَادَةِ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ اشْتِهَارُ الْمَشْهُودِ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْفَضْلِ وَعُلُوِّ الدَّرَجَةِ وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْضَحُ بِالشَّهَادَةِ أَقْوَامًا فَكَذَلِكَ يُكْرِمُ بِالشَّهَادَةِ أَقْوَامًا آخَرِينَ انْتَهَى. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ، فَعَلَى رِوَايَةِ مَدَى صَوْتِهِ يَكُونُ مَنْصُوبًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَعَلَى رِوَايَةِ " مَدَّ صَوْتِهِ " يَكُونُ مَرْفُوعًا عَلَى النِّيَابَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ ذُنُوبَهُ لَوْ كَانَتْ أَجْسَامًا غُفِرَ لَهُ مِنْهَا قَدْرَ مَا يَمْلَأُ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُنْتَهَى صَوْتِهِ، وَقِيلَ تُمَدُّ لَهُ الرَّحْمَةُ بِقَدْرِ مَدِّ الْأَذَانِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَكْمِلُ مَغْفِرَةَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا اسْتَوْفَى وُسْعَهُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ فَيَبْلُغُ الْغَايَةَ فِي الْمَغْفِرَةِ إذَا بَلَغَ الْغَايَةَ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ.
(الرَّابِعُ) قَوْلُهُ: " إنْ سَافَرَ " الْمُرَادُ كَوْنُهُ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يُشْتَرَطُ السَّفَرُ حَقِيقَةً كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْآتِي فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسِ. وَقَوْلُهُ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا الْأَذَانُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ تَرْتَجِي حُضُورَ مَنْ يُصَلِّي مَعَهَا فَالْأَذَانُ فِي حَقِّهَا سُنَّةٌ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَا تَرْتَجِي فَالْأَذَانُ فِي حَقِّهَا مُسْتَحَبٌّ وَلَا تَكُونُ الْجَمَاعَةُ أَحَطَّ رُتْبَةٍ مِنْ الْفَذِّ فَإِنَّ أَصْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِلْجَمَاعَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ، قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ: وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ وَالْجَمَاعَةُ فَلَا يَفْتَقِرُونَ لِإِعْلَامِ غَيْرِهِمْ وَهُمْ بِالْحَضَرِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُسْتَحْسَنُ لَهُمْ الْأَذَانُ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ فِيهِ إظْهَارُ شِعَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا يُسْتَحْسَنُ ذَلِكَ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَكْثَرَ فِي الْأَذَانِ الدُّعَاءُ إلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَدْعُونَ أَحَدًا، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا السَّفَرُ فَيُسْتَحْسَنُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فَذًّا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَاسْتَحَبَّ مُتَأَخِّرُو أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْأَذَانَ لِلْمُسَافِرِ، وَإِنْ كَانَ فَذًّا وَذَكَرَ حَدِيثَيْ الْمُوَطَّإِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَاسْتَحَبَّ الْمُتَأَخِّرُونَ لِلْمُسَافِرِ الْأَذَانَ، وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا؛ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ.
(فَإِنْ قِيلَ:) لَعَلَّ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ الْآتِيَةِ فِي أَنَّ الْفَذَّ وَالْجَمَاعَةَ الَّتِي لَا تَطْلُبُ غَيْرَهَا فِي الْحَضَرِ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْأَذَانُ.
(قُلْتُ) أَمَّا عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فَلَا إشْكَالَ فِي اسْتِحْبَابِهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي لَا تَطْلُبُ غَيْرَهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ، وَأَمَّا فِي السَّفَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي كَلَامِهِ مَيْلٌ إلَى عَدَمِ الْأَذَانِ إذَا لَمْ تَطْلُبْ الْجَمَاعَةُ غَيْرَهَا فِي الْحَضَرِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ قَرِيبًا مِنْهُمْ يُوَارِيهِ عَنْهُمْ جَبَلٌ أَوْ تَلٌّ أَوْ طَرِيقٌ فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ أَتَى إلَيْهِمْ، وَصَلَّى مَعَهُمْ، وَأَمَّا ثَالِثًا فَإِنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ شَامِلٌ لِلْجَمَاعَةِ أَيْضًا فَلِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْفَذِّ مَوْجُودَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الْقَرَافِيَّ ذَكَرَ أَنَّ الْفَذَّ فِي السَّفَرِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ إظْهَارُ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فَشُرِعَ لَهُ إظْهَارُهَا، وَسَرَايَا الْمُسْلِمِينَ تَقْصِدُهُ فَيَحْتَاجُ لِلذَّبِّ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فَإِنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي شَعَائِرِ غَيْرِهِ وَصِيَانَتِهِ انْتَهَى.
(قُلْتُ) وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْجَمَاعَةِ بَلْ إظْهَارُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّ الْجَمَاعَةِ أَوْكَدُ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا مَرَّ بِهِمْ شَخْصٌ مُنْفَرِدٌ فَيُخَافُ كَوْنُهُمْ مِنْ الْعَدُوِّ فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " إنْ سَافَرَ " أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْأَذَانُ فِي الْحَضَرِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: " لَا جَمَاعَةَ لَمْ تَطْلُبْ ".
(الْخَامِسُ) عَزَا ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَعَقَّبَهُمْ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ لِمَالِكٍ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَنَصُّهُ: " وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَالِكٌ لِلْفَذِّ الْمُسَافِرِ، وَمَنْ بِفَلَاةٍ

نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست