responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 93
وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ؛ فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ وُجُوبُ مَسْحِ جَمِيعِهِ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِهِ. قَالَ أَبُو الْحَارِثِ قُلْت لِأَحْمَدَ فَإِنْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَتَرَكَ بَعْضَهُ؟ قَالَ: يُجْزِئُهُ. ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الرَّأْسِ كُلِّهِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ، وَابْنُ عُمَرَ مَسَحَ الْيَافُوخَ.
وَمِمَّنْ قَالَ بِمَسْحِ الْبَعْضِ الْحَسَنُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وُجُوبُ الِاسْتِيعَابِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ يُجْزِئُهَا مَسْحُ مُقَدَّمِ رَأْسِهَا. قَالَ الْخَلَّالُ الْعَمَلُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا إنْ مَسَحَتْ مُقَدَّمَ رَأْسِهَا أَجْزَأَهَا. وَقَالَ مُهَنَّا: قَالَ أَحْمَدُ:
أَرْجُو أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ أَسْهَلَ. قُلْت لَهُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهَا. وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ مَسْحَ الْبَعْضِ بِأَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، رَوَى «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ.» «وَإِنَّ عُثْمَانَ مَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ بِيَدِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ لَهُ مَاءً جَدِيدًا، حِينَ حَكَى وُضُوءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» رَوَاهُ سَعِيدٌ؛ وَلِأَنَّ مَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ يُقَالُ: مَسَحَ بِرَأْسِهِ، كَمَا يُقَالُ: مَسَحَ بِرَأْسِ الْيَتِيمِ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ. وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ يَنْصُرُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّبْعِيضِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَامْسَحُوا بَعْضَ رُءُوسِكُمْ، وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ، وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَامْسَحُوا رُءُوسَكُمْ. فَيَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ. كَمَا قَالَ فِي التَّيَمُّمِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [النساء: 43] .
وَقَوْلُهُمْ: " الْبَاءُ لِلتَّبْعِيضِ " غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا يَعْرِفُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْبَاءَ تُفِيدُ التَّبْعِيضَ فَقَدْ جَاءَ أَهْلُ اللُّغَةِ بِمَا لَا يَعْرِفُونَهُ. وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا تَوَضَّأَ مَسَحَ رَأْسَهُ كُلَّهُ، وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُبَيِّنًا لِلْمَسْحِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ اللَّفْظِ مَجَازٌ لَا يُعْدَلُ إلَيْهِ عَنْ الْحَقِيقَةِ إلَّا بِدَلِيلٍ.

(167) فَصْلٌ: وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ مَسْحِ الْبَعْضِ، فَمِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ مَسَحَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ رَأْسٌ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ عَنْ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُمَا تَبَعٌ، فَلَا يَجْتَزِئُ بِهِمَا عَنْ الْأَصْلِ، وَالظَّاهِرُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُهُمَا، وَإِنْ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِهِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا عَلَيْهِ الشَّعْرُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَدْرِ الْبَعْضِ الْمُجْزِئُ، فَقَالَ الْقَاضِي: قَدْرُ النَّاصِيَةِ؛ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ نَاصِيَتَهُ.
وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا مَسْحُ أَكْثَرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ الْكَامِلِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُجْزِئُ مَسْحُ رُبُعِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُجْزِئُ مَسْحُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ.
وَحُكِيَ عَنْهُ: لَوْ مَسَحَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ، وَحُكِيَ عَنْهُ: لَوْ مَسَحَ شَعْرَةً، أَجْزَأَهُ، لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا. وَوَجْهُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي: إنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْلُحُ بَيَانًا لِمَا أَمَرَ بِهِ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست