responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 152
ثُمَّ الْعَجَبُ مِنْ تَفْرِيقِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ بَيْنَ مَا لَا دَمَ لَهُ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ وَفِي. الْمَائِعَاتِ وَبَيْنَ مَا لَهُ دَمٌ يَمُوتُ فِيهَا وَهَذَا فَرْقٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قَطُّ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا سَقِيمَةٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٌ وَلَا مَعْقُولٌ، وَالْعَجَبُ مِنْ تَحْدِيدِهِمْ ذَلِكَ بِمَا لَهُ دَمٌ وَبِالْعِيَانِ نَدْرِي أَنَّ الْبُرْغُوثَ لَهُ دَمٌ وَالذُّبَابَ لَهُ دَمٌ. فَإِنْ قَالُوا: أَرَدْنَا مَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ، قِيلَ: وَهَذَا زَائِدٌ فِي الْعَجَبِ وَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا التَّقْسِيمُ بَيْنَ الدِّمَاءِ فِي الْمَيْتَاتِ؟ وَأَنْتُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا وَمَعَ جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَيْتَةٍ فَهِيَ حَرَامٌ، وَبِذَلِكَ جَاءَ الْقُرْآنُ، وَالْبُرْغُوثُ الْمَيِّتُ وَالذُّبَابُ الْمَيِّتُ وَالْعَقْرَبُ الْمَيِّتُ وَالْخُنْفُسَاءُ الْمَيِّتُ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ، فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَكُمْ هَذَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ أَصْنَافِ الْمَيْتَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَكْلِ الْبَاقِلَاءِ الْمَطْبُوخِ وَفِيهِ الدَّقْشُ الْمَيِّتُ، وَعَلَى أَكْلِ الْعَسَلِ وَفِيهِ النَّحْلُ الْمَيِّتُ وَعَلَى أَكْلِ الْخَلِّ وَفِيهِ الدُّودُ الْمَيِّتُ، وَعَلَى أَكْلِ الْجُبْنِ وَالتِّينِ كَذَلِكَ، وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَقْلِ الذُّبَابِ فِي الطَّعَامِ. قِيلَ لَهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ صَحَّ بِذَلِكَ كَمَا ادَّعَيْتُمْ، وَكَانَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الطَّعَامِ يَمُوتُ فِيهِ الذُّبَابُ كَمَا زَعَمْتُمْ، فَإِنَّ وَجْهَ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تَقْتَصِرُوا عَلَى مَا صَحَّ بِهِ الْإِجْمَاعُ مِنْ ذَلِكَ وَجَاءَ بِهِ الْخَبَرُ خَاصَّةً. وَيَكُونُ مَا عَدَا ذَلِكَ بِخِلَافِهِ، إذْ أَصْلُكُمْ أَنَّ مَا لَاقَى الطَّاهِرَاتِ مِنْ الْأَنْجَاسِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهَا، وَمَا خَرَجَ عَنْ أَصْلِهِ عِنْدَكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَرَوْنَ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ سَائِغًا أَوْ تَقِيسُوا عَلَى الذُّبَابِ كُلَّ طَائِرٍ، وَعَلَى الدَّقْشِ كُلَّ حَيَوَانٍ ذِي أَرْجُلٍ، وَعَلَى الدُّودِ كُلَّ مُنْسَابٍ. وَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَكُمْ أَنْ تَقِيسُوا عَلَى ذَلِكَ مَا لَا دَمَ لَهُ؟ فَأَخْطَأْتُمْ مَرَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّ الذُّبَابَ لَهُ دَمٌ، وَالثَّانِيَةُ اقْتِصَارُكُمْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَا دَمَ لَهُ، دُونَ أَنْ تَقِيسُوا عَلَى الذُّبَابِ كُلَّ ذِي جَنَاحَيْنِ أَوْ كُلَّ ذِي رُوحٍ. فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى حَدِيثِ الْفَأْرِ فِي السَّمْنِ. قِيلَ لَهُمْ: وَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ عُمُومُ الْقِيَاسِ عَلَى ذَلِكَ الْخَبَرِ؟ فَهَلَّا قِسْتُمْ عَلَى الْفَأْرِ كُلَّ ذِي ذَنَبٍ طَوِيلٍ، أَوْ كُلَّ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست