responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 164
وَالْعَيْنُ وَاحِدَةٌ، وَهَكَذَا فِي سَائِرِ النَّبَاتِ كُلِّهِ، وَالْمَاءُ يَسْتَحِيلُ هَوَاءً مُتَصَعِّدًا وَمِلْحًا جَامِدًا، فَلَيْسَ هُوَ مَاءً بَلْ وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَالْعَيْنُ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ يَعُودُ ذَلِكَ الْهَوَاءُ وَذَلِكَ الْمِلْحُ مَاءً. فَلَيْسَ حِينَئِذٍ هَوَاءً وَلَا مِلْحًا، بَلْ هُوَ مَاءٌ حَلَالٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَالْغُسْلُ فَإِنْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا وَقُلْتُمْ: إنَّهُ وَإِنْ ذَهَبَتْ صِفَاتُهُ فَهُوَ الَّذِي كَانَ نَفْسَهُ لَزِمَكُمْ وَلَا بُدَّ إبَاحَةُ الْوُضُوءِ بِالْبَوْلِ، لِأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَحِيلٌ، بِلَا شَكٍّ، وَبِالْعَرَقِ، لِأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَحِيلٌ. وَلَزِمَكُمْ تَحْرِيمُ الثِّمَارِ الْمُغَذَّاةِ بِالزِّبْلِ وَبِالْعَذِرَةِ، وَتَحْرِيمُ لُحُومِ الدَّجَاجِ، لِأَنَّهَا مُسْتَحِيلَةٌ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ. فَإِنْ قَالُوا: فَنَحْنُ نَجِدُ الدَّمَ يُلْقَى فِي الْمَاءِ أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْبَوْلِ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ وَلَا طَعْمٌ فَيُوَاتَرُ طَرْحُهُ فَتَظْهَرُ صِفَاتُهُ فِيهِ. فَهَلَّا صَارَ الثَّانِي مَاءً كَمَا صَارَ الْأَوَّلُ؟ قُلْنَا لَهُمْ: هَذَا السُّؤَالُ لَسْنَا نَحْنُ الْمَسْئُولِينَ بِهِ لَكِنْ جَرَيْتُمْ فِيهِ عَلَى عَادَتِكُمْ الذَّمِيمَةِ فِي التَّعَقُّبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَيْهِ فِي أَحْكَامِهِ تَعَالَى وَأَفْعَالِهِ، وَإِيَّاهُ تَعَالَى تَسْأَلُونَ عَنْ هَذَا لَا نَحْنُ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَحَلَّ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُحِلَّ الثَّانِيَ كَمَا شَاءَ لَا نَحْنُ وَجَوَابُهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكُمْ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ يَأْتِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا تَطُولُ عَلَيْهِ نَدَامَةُ السَّائِلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ هَذَا السُّؤَالَ إذْ يَقُولُ تَعَالَى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] ثُمَّ نَحْنُ نُجِيبُكُمْ قَائِمِينَ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا افْتَرَضَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا إذْ يَقُولُ: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ} [المائدة: 8] فَنَقُولُ لَكُمْ: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ تَعَالَى مَا خَلَقَ كُلَّهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا شَاءَ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ. وَنَحْنُ نَجِدُ الْمَاءَ يُصَعِّدُهُ الْهَوَاءُ بِالتَّجْفِيفِ فَيَصِيرُ الْمَاءُ هَوَاءً مُصَعَّدًا وَلَيْسَ مَاءً أَصْلًا.
حَتَّى إذَا كَثُرَ الْمَاءُ الْمُسْتَحِيلُ هَوَاءً فِي الْجَوِّ عَادَ مَاءً كَمَا كَانَ وَأَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ السَّحَابِ مَاءً. وَهَذَا نَفْسُ مَا احْتَجَجْتُمْ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ أَنَّ الدَّمَ يَخْفَى فِي الْمَاءِ وَالْفِضَّةَ تَخْفَى فِي النُّحَاسِ. فَإِذَا تُوبِعَ بِهِمَا ظَهَرَا.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا السُّؤَالِ الْأَحْمَقِ وَبَيْنَ مَنْ سَأَلَ: لِمَ خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ يُتَوَضَّأُ بِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ مَاءَ الْوَرْدِ يُتَوَضَّأُ بِهِ؟ وَلِمَ جَعَلَ الصَّلَاةَ إلَى الْكَعْبَةِ وَالْحَجَّ وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا إلَى

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست