responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 166
أَصْلًا لَا بِمِقْدَارِ مَا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ وَلَا بِأَقَلَّ وَلَا بِأَكْثَرَ، لَا نَقْدًا وَلَا نَسِيئَةً، لِأَنَّنَا لَا نَقْدِرُ فِيهَا عَلَى الْمُمَاثَلَةِ بِالْوَزْنِ، وَتُبَاعُ تِلْكَ الْجُمْلَةُ بِالذَّهَبِ نَقْدًا لَا نَسِيئَةً.
فَسَأَلُوا عَنْ قِدْرٍ طُبِخَتْ بِالْخَمْرِ أَوْ طُرِحَ فِيهَا بَوْلٌ أَوْ دَمٌ أَوْ عَذِرَةٌ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ هُنَالِكَ أَثَرٌ أَصْلًا، فَقُلْنَا: مَنْ طَرَحَ فِي الْقِدْرِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَمْدًا فَهُوَ فَاسِقٌ عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْحَرَامَ الْمُفْتَرَضَ اجْتِنَابُهُ، وَأَمَّا إذَا بَطَلَ كُلُّ ذَلِكَ فَمَا فِي الْقِدْرِ حَلَالٌ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ أَصْلًا، وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ تَعَالَى تِلْكَ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَحَالَهَا إلَى الْحَلَالِ. ثُمَّ نَقْلِبُ عَلَيْهِمْ هَذَا السُّؤَالَ فِي دَنِّ خَلٍّ رُمِيَ فِيهِ خَمْرٌ فَلَمْ يَظْهَرْ لِلْخَمْرِ أَثَرٌ، فَقَوْلُهُمْ إنَّ ذَلِكَ الَّذِي فِي الدَّنِّ كُلَّهُ حَلَالٌ فَهَذَا تَنَاقُضٌ مِنْهُمْ وَقَوْلٌ مِنْهُمْ بِاَلَّذِي شَنَّعُوا بِهِ فَلَزِمَهُمْ التَّشْنِيعُ، لِأَنَّهُمْ عَظَّمُوهُ وَرَأَوْهُ حُجَّةً، وَلَمْ يَلْزَمْنَا، لِأَنَّنَا لَمْ نُعَظِّمْهُ وَلَا رَأَيْنَاهُ حُجَّةً. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا مُتَأَخِّرُوهُمْ فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ضَبْطِ هَذَا الْمَذْهَبِ لِفَسَادِهِ وَسَخَافَتِهِ فَرُّوا إلَى أَنْ قَالُوا: إنَّنَا لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ غَدِيرٍ كَبِيرٍ وَلَا بَحْرٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْحُكْمَ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَالرَّأْيِ فِي الْمَاءِ الَّذِي يُتَوَضَّأُ مِنْهُ وَيُغْتَسَلُ مِنْهُ، فَإِنْ تَيَقَّنَّا أَوْ غَلَبَ فِي ظُنُونِنَا أَنَّ النَّجَاسَةَ خَالَطَتْهُ حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ وَلَوْ أَنَّهُ مَاءُ الْبَحْرِ، وَإِنْ لَمْ نَتَيَقَّنْ وَلَا غَلَبَ فِي ظُنُونِنَا أَنْ خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ تَوَضَّأْنَا بِهِ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَشَدُّ فَسَادًا مِنْ الَّذِي رَغِبُوا عَنْهُ لِوُجُوهٍ أَوَّلُهَا: أَنَّهُمْ مُقِرُّونَ بِأَنَّهُ حُكْمٌ بِالظَّنِّ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» . وَلَا أَسْوَأُ حَالًا مِمَّنْ يَحْكُمُ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ الْحَقُّ الْمَحْضُ بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ لَا يُحَقِّقُهُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: كَمَا تَظُنُّونَ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَمْ تُخَالِطْهُ فَظُنُّوا أَنَّهَا خَالَطَتْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالظَّنِّ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِكُمْ، فَمَا الَّذِي جَعَلَ إحْدَى جَنْبَتَيْ الظَّنِّ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى؟
وَالثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَكُمْ هَذَا تَحَكُّمٌ مِنْكُمْ بِلَا دَلِيلٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ نَقُولَ لَهُمْ: عَرِّفُونَا مَا مَعْنَى هَذِهِ الْمُخَالَطَةِ مِنْ النَّجَاسَةِ لِلْمَاءِ؟ فَلَسْنَا نَفْهَمُهَا وَلَا أَنْتُمْ وَلَا أَحَدٌ فِي الْعَالَمِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ قَدْ جَاوَرَ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست