responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 379
فَادَّعَوْا أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا» بَيَانٌ لِمُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالصَّعِيدِ، وَلِمُرَادِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِقَوْلِهِ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» .
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ.
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] بَلْ كُلُّ مَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَهُوَ حَقٌّ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْأَرْضُ مَسْجِدٌ وَطَهُورٌ» وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْأَرْضُ مَسْجِدٌ وَتُرْبَتُهَا طَهُورٌ» فَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ بِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْهُ لِشَيْءٍ آخَرَ فَالتُّرَابُ كُلُّهُ طَهُورٌ وَالْأَرْضُ كُلُّهَا طَهُورٌ وَالصَّعِيدُ كُلُّهُ طَهُورٌ، وَالْآيَةُ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي عُمُومِ الْأَرْضِ زَائِدٌ حُكْمًا عَلَى حَدِيثِ حُذَيْفَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى التُّرْبَةِ، فَالْأَخْذُ بِالزَّائِدِ وَاجِبٌ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْأَخْذِ بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مُخَالَفَةٌ لِلْقُرْآنِ وَلِمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الصَّعِيدُ كُلُّهُ يُتَيَمَّمُ بِهِ، كَالتُّرَابِ وَالطِّينِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْجِيرِ وَالْكُحْلِ والمرادسنج وَكُلُّ تُرَابٍ نُفِّضَ مِنْ وِسَادَةٍ أَوْ فِرَاشٍ أَوْ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ: فَالتَّيَمُّمُ بِهِ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إنْ كَانَ فِي ثَوْبِكَ أَوْ سَرْجِكَ أَوْ بَرْدَعَتِكَ تُرَابٌ أَوْ عَلَى شَجَرٍ فَتَيَمَّمْ بِهِ، وَهَذَا قَوْلُنَا. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ يُقَدَّمُ فِي التَّيَمُّمِ الْيَدَانِ قَبْلَ الْوَجْهِ]
253 - مَسْأَلَةٌ:
قَالَ الْأَعْمَشُ: يُقَدَّمُ فِي التَّيَمُّمِ الْيَدَانِ قَبْلَ الْوَجْهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُقَدَّمُ الْوَجْهُ عَلَى الْكَفَّيْنِ وَلَا بُدَّ، وَأَبَاحَ أَبُو حَنِيفَةَ تَقْدِيمَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَبِهَذَا نَقُولُ؛ لِأَنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَهُ التَّيَمُّمَ فَضَرَبَ ضَرْبَةً بِكَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهَا ثُمَّ مَسَحَ بِهَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ ثُمَّ مَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ» فَكَانَ هَذَا حُكْمًا زَائِدًا، وَبَيَانًا أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَمَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ فَبَدَأَ بِالْوَجْهِ فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَخَذَ بِحَدِيثِ عَمَّارٍ فَبَدَأَ بِالْيَدَيْنِ قَبْلَ الْوَجْهِ فَحَسَنٌ، ثُمَّ اسْتَدْرَكْنَا قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» فَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْزِئَ إلَّا الِابْتِدَاءُ بِالْوَجْهِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست