responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 417
فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ عَلَيْهَا، وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ الدَّمَ الْأَسْوَدَ مِنْهُ حَيْضٌ وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ بِرَأْيِهِ بَعْضَ ذَلِكَ الدَّمِ حَيْضًا وَبَعْضَهُ غَيْرَ حَيْضٍ، لِأَنَّهُ يَكُونُ شَارِعًا فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، أَوْ قَائِلًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا عِلْمَ لَدَيْهِ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لَهَا تَرْكُ يَقِينِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِظَنٍّ فِي بَعْضِ دَمِهَا أَنَّهُ حَيْضٌ، وَلَعَلَّهُ لَيْسَ حَيْضًا، وَالظَّنُّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ.
وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَدَاوُد، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: تَجْعَلُ لِنَفْسِهَا مِقْدَارَ حَيْضِ أُمِّهَا وَخَالَتِهَا وَعَمَّتِهَا وَتَكُونُ فِيمَا زَادَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ جَعَلَتْ حَيْضَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَتَكُونُ فِي بَاقِي الشَّهْرِ مُسْتَحَاضَةً تَصُومُ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَطَاءٌ: تَجْعَلُ لِنَفْسِهَا قَدْرَ حَيْضِ نِسَائِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَقْعُدُ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَكُونُ فِيهِ حَائِضًا، وَبَاقِي الشَّهْرِ مُسْتَحَاضَةً تُصَلِّي وَتَصُومُ، وَإِلَى هَذَا مَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَقْعُدُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ حَائِضًا وَبَاقِي الشَّهْرِ مُسْتَحَاضَةٌ تُصَلِّي وَتَصُومُ.
قَالَ عَلِيٌّ: يُقَالُ لِجَمِيعِهِمْ: مِنْ أَيْنَ قَطَعْتُمْ بِأَنَّهَا تَحِيضُ كُلَّ شَهْرٍ وَلَا بُدَّ؟ وَفِي الْمُمَكَّنِ أَنْ تَكُونَ ضَهْيَاءَ لَا تَحِيضُ فَتَرَكْتُمْ بِالظَّنِّ فَرْضَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، ثُمَّ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ: اُقْتُصِرَ بِهَا عَلَى أَقَلِّ مَا يَكُونُ مِنْ الْحَيْضِ لِئَلَّا تَتْرُكَ الصَّلَاةَ إلَّا بِيَقِينٍ: إلَّا كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ.
بَلْ اُقْتُصِرَ بِهَا عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ لِئَلَّا تُصَلِّيَ وَتَصُومَ وَيَطَأَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَائِضٌ، وَكُلُّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُفْسِدُ صَاحِبَهُ، وَهُمَا جَمِيعًا فَاسِدَانِ لِأَنَّهُمَا قَوْلٌ بِالظَّنِّ، وَالْحُكْمُ بِالظَّنِّ فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَجُوزُ، وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْمُبْتَدَأَةَ لَمْ تَحِضْ قَطُّ، وَأَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ فَرْضَانِ عَلَيْهَا، وَأَنَّ زَوْجَهَا مَأْمُورٌ وَمَنْدُوبٌ إلَى وَطْئِهَا، ثُمَّ لَا نَدْرِي وَلَا نَقْطَعُ إنَّ شَيْئًا مِنْ هَذَا الدَّمِ الظَّاهِرِ عَلَيْهَا دَمُ حَيْضٍ، فَلَا يَحِلُّ تَرْكُ الْيَقِينِ وَالْفَرَائِضِ اللَّازِمَةِ بِظَنٍّ كَاذِبٍ.
وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا وُضُوءُهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ فَقَدْ ذَكَرْنَا بُرْهَانَ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي الْوُضُوءِ وَمَا يُوجِبُهُ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 417
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست