نام کتاب : فقه النوازل نویسنده : بكر أبو زيد جلد : 1 صفحه : 136
اللفظ، وبهذا الاختصار، مع ما فيها من الحكمة البالغة، واشتمالها على
نَفْي الكفر، وإثبات التوحيد، وإزالة الشرك، ووجوب الإيمان. فلما قالها
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودعا الناس إليها، استعظمت العرب ذلك، لأنهم يُسَمُّون أصْنَامهم
آلِهَة، فقال الله عز وجل حكاية عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ. وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ. بَلْ جَاءَ بِالحَقِّ
وَصَدَّقَ المُرْسَلِينَ} يعني جاء بها وهي الحق. وهي تشتمل على هذه
المعاني التي ذكرناها، وإلى ذلك دعا المُرسَلون، ولكن لم يوردها على
هذا اللفظ بهذا الكمال والاختصار مشتملة على هذه المعاني. فلما قالها
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَها أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمجوس، وجامَعوه على
الإقرار بها، وبايَنُوه على الكلمة المقرونة بها: " محمد رسول الله " فكانوا
على الإقرار بالأولى مؤمنين بالله، وعلى إنكارهم الثانية مشركين. قال الله
تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} .
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} :
هي أية أنزلها الله على محمد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجعلها فاتِحَة كتابه
وفاتحة كل سورة، فصار ذلك قُدْوَة لجميع الأمم قد تَرَاضَوْا بها، واتبعوا
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك، فجعلوها فاتحة كتبهم مُصَدَّرة في صَدْر [62]
كل كتاب مُسْتَحْسَنَة عندهم. قد أقَرُّوا بفَضْلها حتى إن كل كتاب لم يفْتَتح
بها هو عندهم ناقِصٌ مَبْتُور، مَسْلوبُ البَهَاء مَهجور ولم يكن ذلك لسائر
الأمم ولا عرفوها إلا ما ذكره الله عزَّ وجلَّ في كتابه أن سليمان عليه السلام
كتب بها إلى بلْقيس ولم يُدَوِّنها هذا التدوين، ولا زَيَّنُوا بها كُتبهم هذا
التزيين، ولا عرفوا لها الفَضْل المُبِين، حتى جاءَ الله بالإسلام، وأحْكَمَها
على لِسان رسوله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَبِلتْهَا الأمم أحسن قبول، وصار فَصْلها في
كتبهم أفضل فُصُول.
نام کتاب : فقه النوازل نویسنده : بكر أبو زيد جلد : 1 صفحه : 136