هذه الآية هم اليهود والنصارى لن تقبل توبتهم عند الموت[1].
وقال ابن تيمية: “قال الأكثرون ... لن تقبل توبتهم حين يحضرهم الموت ... ، قلت: وذلك لأن التائب راجع عن الكفر، ومن لم يتب فإنه مستمر يزداد كفراً بعد كفر، فقوله {ثُمَّ ازْدَادُوا} بمنْزلة قول القائل: ثم أصروا على الكفر، واستمروا على الكفر، وداموا على الكفر، فهم كفروا بعد إسلامهم، ثم زاد كفرهم ما نقص، فهؤلاء لا تقبل توبتهم، وهي التوبة عند حضور الموت؛ لأن من تاب قبل حضور الموت فقد تاب من قريب، ورجع عن كفره، فلم يزدد بل نقص، بخلاف المصر إلى حين المعاينة، فما بقي له زمان يقع لنقص كفره فضلاً عن هدمه”[2].
أما ما ثبت “أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعنده أبو جهل ـ فقال: أي عم، قل: لا إله إلا الله كلمةًَ أحاجُّ لك بها عند الله”[3] الحديث، فقد قال ابن حجر بأنه صلى الله عليه وسلم لقن عمه الشهادة قبل أن يدخل في الغرغرة، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أحاج لك بها عند الله) كأنه عليه الصلاة والسلام فهم من امتناع أبي طالب من الشهادة في تلك الحالة أنه ظن أن ذلك لا ينفعه؛ لوقوعه عند الموت؛ أو لكونه لم يتمكن من سائر الأعمال الصالحة كالصلاة وغيرها، فلذلك ذكر له المحاججة، وأما لفظ (الشهادة) فيحتمل أنه يكون ظن أن ذلك لا ينفعه إذ لم يحضر حينئذ أحد من المؤمنين مع النبي صلى الله عليه وسلم فطيب قلبه بأن يشهد له بها فينفعه، وهذا يدل على “أن التوبة مقبولة ولو في شدة مرض الموت حتى يصل إلى المعاينة فلا يقبل”[4]، كما يدل هذا الحديث على أن الكافر إذا شهد شهادة الحق [1] انظر جامع البيان في تفسير القرآن 3/243. [2] مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 16/29. [3] رواه البخاري في صحيحه، كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب ح3884. [4] فتح الباري شرح صحيح البخاري 7/195، 196 وانظر ما ذكره ابن بطال في شرح صحيح البخاري 3/344.