قبل المعاينة وتحقق الموت نجا من العذاب؛ لأن الإسلام يجب ما قبله[1].
ونقل ابن حجر عن الكرماني قوله بأن عرض الرسول صلى الله عليه وسلم الشهادة على عمه كان عند حضور علامات الوفاة، “وإلا فلو كان انتهى إلى المعاينة لم ينفعه الإيمان لو آمن، ويدل على الأول ما وقع من المراجعة بينه وبينهم”، ثم قال ابن حجر: “ويحتمل أن يكون انتهى إلى تلك الحالة، لكن رجا النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أقر بالتوحيد، ولو في تلك الحالة أن ذلك ينفعه بخصوصه، وتسوغ شفاعته صلى الله عليه وسلم لمكانه منه، ولهذا قال”أجادل لك بها وأشفع لك) ... ، ويؤيد الخصوصية أنه بعد أن امتنع من الإقرار بالتوحيد، وقال (هو على ملة عبد المطلب) ومات على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الشفاعة له، بل شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة لغيره، وكان ذلك من الخصائص في حقه”[2]، يشير في هذا إلى ما ثبت أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: “ما أغنيت عن عمّك؛ فإنه كان يحوطك ويغضب لك” قال صلى الله عليه وسلم “هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار” [3].
وقال ابن بطال ت449?: “فإن قال قائل: فأي محاجة يحتاج إليها من وافى ربه بما يدخله به الجنة؟ فالجوا ب: أنه يحتمل وجوهاً من التأويل:
أحدها: أن يكون ظن عليه السلام أن عمه اعتقد أن من آمن في مثل حاله لا ينفعه إيمانه؛ إذ لم يقارنه عمل سواه من صلاة وصيام وزكاة وحج وشرائط الإسلام كلها، فأعلمه عليه السلام أن من قال: لا إله إلا الله عند موته أنه يدخل في جملة المؤمنين، وإن تعرى من عمل سواها.
ويحتمل وجهاً آخر: وهو أن يكون أبو طالب قد عاين أمر الآخرة، وأيقن [1] انظر المصدر السابق ص196. [2] المصدر السابق 8/506، 507. [3] رواه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب ح3883.