المبحث الثامن: وجوب إحسان الظن بالله تعالى وبخاصة عند الموت
يجب على المسلم أن يحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى في جميع أحواله، ويتأكد ذلك عند الموت.
روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: “لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله” [1].
قال أبو سليمان الخطابي: “إنما يحسن بالله الظن من حسن عمله، فكأنه قال: أحسنوا أعمالكم يحسن ظنكم بالله، فإن من ساء عمله ساء ظنه، وقد يكون أيضاً حسن الظن بالله من ناحية الرجاء، وتأميل العفو، والله جواد كريم”[2].
وقال النووي: “قال العلماء: هذا تحذير من القنوط، وحث على الرجاء عند الخاتمة..، قال العلماء معنى حسن الظن بالله تعالى: أن يظن أنه يرحمه، ويعفو عنه، قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفاً راجياً، ويكونان سواء، وقيل يكون الخوف أرجح؛ فإذا دنت أمارات الموت غلب الرجاء، أو محضه؛ لأن مقصود الخوف: الانكفاف عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال، وقد تعذر ذلك أو معظمه في هذه الحال، فاستحب إحسان الظن، المتضمن للافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له، ويؤيده الحديث المذكور بعده “يبعث كل عبد على ما مات عليه” [3]؛ ولهذا عقبه مسلم للحديث الأول، قال [1] رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت ح2877. [2] معالم السنن، شرح على سنن أبي داود 3/484، شرح حديث 3113. [3] رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت ح2878.