كفه فقال: "ما ظن نبي الله لو لقي الله عز وجل، وهذه عنده.." يعني ستة دنانير أو سبعة ـ أنفقيها” [1].
يقول ابن القيم تعليقاً على هذا الحديث: “فيالله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله، إذا لقوه ومظالم العباد عندهم؛ فإن كان ينفعهم قولهم: حسناً ظنوننا بك لم يعذب ظالم ولا فاسق، فليصنع العبد ما شاء وليرتكب كل ما نهاه الله عنه وليحسن ظنه بالله فإن النار لا تمسه، فسبحان الله ما يبلغ الغرور بالعبد، وقد قال إبراهيم لقومه {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [2]، أي ما ظنكم أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره، ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه؛ فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله، ويثيبه عليها، ويتقبلها منه فالذي حمله على العمل حسن الظن، فكلما حَسُنَ ظنه حسُنَ عمله، وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز ... ، وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وإما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن”[3].
فإن قال قائل: بأن إحسان الظن يتأتى مع سوء العمل، وذلك راجع إلى سعة مغفرة الله ورحمته التي سبقت غضبه.
فالجواب عليه بأن يقال: “الأمر هكذا والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم، ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به؛ فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة والانتقام، وشدة البطش، وعقوبة من يستحق العقوبة، فلو كان معول حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لاشترك في ذلك البر والفاجر، [1] رواه أحمد في مسنده 6/104 وَ 6/182، والبغوي في شرح السنة 6/156، 157 وذكره الألباني في سلسة الأحاديث الصحيحة 3/12 ح1014. [2] سورة الصافات، الآيتان 86 وَ 87. [3] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص14، 15.