الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [1].
قال الطبري في تفسير هذه الآية: “إن الذين تقبض أرواحهم الملائكة ظالمي أنفسهم، يعني مكسبي أنفسهم غضب الله وسخطه ... ، قالت الملائكة لهم {فِيمَ كُنْتُمْ} في أي شيء كنتم من دينكم، {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} يعني قال الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم: كنا مستضعفين في الأرض، يستضعفنا أهل الشرك بالله، في أرضنا وبلادنا ... معذرة ضعيفة وحجة واهية،
{قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} يقول: فتخرجوا من أرضكم ودوركم، وتفارقوا من يمنعكم بها من الإيمان بالله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم..، وذُكر أن هاتين الآيتين والتي بعدهما نزلت في أقوام من أهل مكة كانوا قد أسلموا وآمنوا بالله وبرسوله، وتخلفوا عن الهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر، وعُرض بعضهم على الفتنة فافتتن، وشهد مع المشركين حرب المسلمين، فأبى الله قبول معذرتهم، التي اعتذروا بها، التي بينها في قوله، خبراً عنهم: {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} ... ”[2].
وقال السعدي: “قوله {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} ... فيه ذكر بيان السبب الموجب، فقد يترتب عليه مقتضاه، مع اجتماع شروطه، وانتفاء موانعه، وقد يمنع من ذلك مانع، وفي الآية دليل على أن الهجرة من أكبر الواجبات، وتركها من المحرمات، بل من أكبر الكبائر”[3]. [1] سورة النساء، الآيتان 97، 98. [2] جامع البيان في تفسير القرآن 5/147، 148، وانظر معالم التنْزيل 1/469. [3] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص159، 160.